ومن فوائد ابن عطية فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾
المقصد بهذه الآية النهي عن الميتة إذ هي جواب لقول المشركين تتركون ما قتل الله، والنهي أيضاً عما ذبح للأنصاب، ومع ذلك فلفظها يعم ما تركت التسمية عليه من ذبح الإسلام، وبهذا العموم تعلق محمد بن سيرين وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن عمر ونافع وعبد الله بن يزيد الخطمي والشعبي وغيرهم فما تركت التسمية عليه نسياناً أو عمداً لم يؤكل، وقالت طائفة عظيمة من أهل العلم : يؤكل ما ذبح ولم يسم عليه نسياناً، ولا يؤكل ما لم يسم عليه عمداً، وهذا قول الجمهور، وحكى الزهراوي عن مالك بن أنيس أنه قال : تؤكل الذبيحة التي تركت التسمية عليها عمداً أو نسياناً، وعن ربيعة أيضاً قال عبد الوهاب : التسمية سنة فإذا تركها الذابح ناسياً أكلت الذبيحة في قول مالك وأصحابه، وإذا تركها عمداً فقال مالك لا تؤكل، فحمل بعض أصحابه قوله لا تؤكل على التحريم، وحمله بعضهم على الكراهة، وقال أشهب : تؤكل ذبيحة تارك التسمية عمداً إلا أن يكون مستخفاً، وقال نحوه الطبري، وذبائح أهل الكتاب عند جمهور العلماء في حكم ما ذكر اسم الله عليه من حيث لهم دين وتشرع، وقال قوم نسخ من هذه الآية ذبائح أهل الكتاب، قاله عكرمة والحسن بن أبي الحسن، والضمير في ﴿ إنه ﴾ في قوله :﴿ وإنه لفسق ﴾ عائد على الأكل الذي تضمنه الفعل في قوله ﴿ ولا تأكلوا ﴾ ويحتمل أن يعود على ترك الذكر الذي يتضمنه قوله ﴿ لم يذكر ﴾، والفسق الخروج عن الطاعة، هذا عرْفه في الشرع، وقوله تعالى :﴿ وإن الشياطين ﴾ الآية، قال عكرمة عنى بالشياطين في هذه الآية مردة الإنس من مجوس فارس، وذلك أنهم كانوا يوالون قريشاً على عداوة النبي ﷺ فخاطبوهم منبهين على الحجة التي ذكرناها في أمر الذبح من قولهم تأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتل الله، فذلك من مخاطبتهم هو الوحي الذي عنى به، " والأولياء " قريش، " والمجادلة " هي تلك الحجة، وقال ابن عباس


الصفحة التالية
Icon