والمذهب الثاني في المسألة : أنه لا يشترط التسمية، بل هي مستحبة، فإن تركت عمدًا أو نسيانًا لم تضر وهذا مذهب الإمام الشافعي، رحمه الله، وجميع أصحابه، ورواية عن الإمام أحمد. نقلها عنه حنبل. وهو رواية عن الإمام مالك، ونص على ذلك أشهب بن عبد العزيز من أصحابه، وحكي عن ابن عباس، وأبي هريرة، وعطاء بن أبي رباح، والله أعلم.
وحمل الشافعي الآية الكريمة :﴿ وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ على ما ذبح لغير الله، كقوله تعالى ﴿ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾ [الأنعام : ١٤٥].
وقال ابن جُرَيْج، عن عطاء :﴿ وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ قال : ينهى عن ذبائح كانت تذبحها قريش عن الأوثان، وينهى عن ذبائح المجوس، وهذا المسلك الذي طرقه الإمام الشافعي [رحمه الله] قوي، وقد حاول بعض المتأخرين أن يقويه بأن جعل "الواو" في قوله :﴿ وإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ حالية، أي : لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه في حال كونه فسقًا، ولا يكون فسقا حتى يكون قد أهل به لغير الله. ثم ادعى أن هذا متعين، ولا يجوز أن تكون "الواو" عاطفة. لأنه يلزم منه عطف جملة إسمية خبرية على جمله فعلية طلبية. وهذا ينتقض عليه بقوله :﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ﴾ فإنها عاطفة لا محاولة، فإن كانت "الواو" التي ادعى أنها حالية صحيحة على ما قال ؛ امتنع عطف هذه عليها، فإن عطفت على الطلبية ورد عليه ما أورد على غيره، وإن لم تكن "الواو" حالية، بطل ما قال من أصله، والله أعلم.