ورواه ابن جرير من طرق متعددة، عن ابن عباس، وليس فيه ذكر اليهود، فهذا هو المحفوظ، والله أعلم.
وقال ابن جُرَيْج : قال عمرو بن دينار، عن عكرمة : إن مشركي قريش كاتبوا فارس على الروم، وكاتبتهم فارس، وكتب فارس إلى مشركي قريش : أن محمدًا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله، فما ذبح الله بسكين من ذهب فلا يأكله محمد وأصحابه - للميتة وما ذبحوه هم يأكلون. فكتب بذلك المشركون إلى أصحاب محمد رسول الله ﷺ، فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شيء، فأنزل الله :﴿ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ [إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ] ﴾ ونزلت :﴿ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ﴾
وقال السُّدِّي في تفسير هذه الآية : إن المشركين قالوا للمؤمنين : كيف تزعمون أنكم تتبعون مرضاة الله، وما ذبح الله فلا تأكلونه، وما ذبحتم أنتم أكلتموه ؟ فقال الله :﴿ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ ﴾ فأكلتم الميتة ﴿ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾
وهكذا قاله مجاهد، والضحاك، وغير واحد من علماء السلف، رحمهم الله.
وقوله تعالى :﴿ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ أي : حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره، فقدمتم عليه غيره فهذا هو الشرك، كما قال تعالى :﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ [وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ] ﴾ [التوبة : ٣١].