وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ نَاسِيًا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الذَّكَاةِ، مِنْ قِبَلِ أَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ خِطَابٌ لِلْعَامِدِ دُونَ النَّاسِي ؛ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ :﴿ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ وَلَيْسَ ذَلِكَ صِفَةٌ لِلنَّاسِي ؛ وَلِأَنَّ النَّاسِيَ فِي حَالِ نِسْيَانِهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لِلتَّسْمِيَةِ، وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُبَيْدِ بْن عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْ أُمَّتَيْ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ﴾، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا لِلتَّسْمِيَةِ فَقَدْ أَوْقَعَ الذَّكَاةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَلَا يُفْسِدُهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ
إلْزَامُهُ ذَكَاةً أُخْرَى لِفَوَاتِ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَ نِسْيَانِ تَكْبِيرَةِ الصَّلَاةِ أَوْ نِسْيَانِ الطَّهَارَةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ بَعْدَ الذِّكْرِ هُوَ فَرْضٌ آخَرُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَهُ فَرْضٌ آخَرُ فِي الذَّكَاةِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا.
فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ مِنْ شَرَائِطِ الذَّكَاةِ لَمَا أَسْقَطَهَا النِّسْيَانُ، كَتَرْكِ قَطْعِ الْأَوْدَاجِ.