وقال القرطبى :
﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ ﴾
قال بعض الناس : إن "اعلم" هنا بمعنى يعلم ؛ وأنشد قول حاتم الطائيّ :
تحالفَتْ طيءٌ من دوننا حَلِفاً...
والله أعلم ما كنا لهم خُذُلاَ
وقول الخنساء :
الله أعلم أن جفنته...
تغدو غداة الريح أو تسرى
وهذا لا حجة فيه ؛ لأنه لا يطابق ﴿ وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين ﴾.
ولأنه يحتمل أن يكون على أصله. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ﴾
لما ذكر تعالى يضلوك عن سبيل الله أخبر أنه أعلم العالمين بالضال والمهتدي، والمعنى أنه أعلم بهم وبك فإنهم الضالون وأنت المهتدي و﴿ من ﴾ قيل في موضع جر على إسقاط حرف الجر وإبقاء عمله، وهذا ليس بجيد لأن مثل هذا لا يجوز إلا في الشعر نحو زيد أضرب السيف أي بالسيف.
وقال أبو الفتح : في موضع نصب بأعلم بعد حذف حر الجر وهذا ليس بجيد، لأن أفعل التفضيل لا يعمل النصب في المفعول به، وقال أبو علي : في موضع نصب بفعل محذوف أي يعلم من يضل ودل على حذفه أعلم ومثله ما أنشده أبو زيد
وأضرب منا بالسيوف القوانسا...
أي تضرب القوانس وهي إذ ذاك موصولة وصلتها ﴿ يضل ﴾ وجوز أبو البقاء أن تكون موصوفة بالفعل.
وقال الكسائي والمبرد والزجاج ومكي في موضع رفع وهي استفهامية مبتدأ والخبر ﴿ يضل ﴾ والجملة في موضع نصب بأعلم أي أعلم أي الناس يضل كقوله ﴿ لنعلم أي الحزبين ﴾ وهذا ضعيف لأن التعليق فرع عن جواز العمل وأفعل التفضيل لا يعمل في المفعول به فلا يعلق عنه، والكوفيون يجيزون إعمال أفعل التفضيل في المفعول به والرد عليهم في كتب النحو.