لطيفة
قال فى ملاك التأويل :
قوله تعالى :" إن ربك هم أعلم من يضل عن سبيله وهو أعمل بالمهتدين " وفى سورة النجم : قوله تعالى :"إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله " بزيادة الباء فى "من " من قوله :"بمن ضل عن سبيله " وكذا فى سورة القلم بخلاف الأخريين "ضل " ففى هذا سؤالان : أحدهما زيادة الباء فى آيتى النجم والقلم ويقوطهما فى الأنعام والثانى ورود الماضى فى آيتى النجم والقلم وورود المضارع فى الآية الأنعام.
والجواب عن الأول أن سقوط الباء الداخلة على "من " فى آية الأنعام إنما ذلك والله أعلم لاستثقال زيادتها مع الزيادة اللازمة للمضارع مع التقارب إيثارا للإيجاز أما آيتا النجم والقلم فلا زيادة فى الفعل لكونه ماضيا فزيد باء التأكيد الداخلة على "من " ويشهد لهذا اطراد زيادتها فى الآيتين لورود الماضى فيهما بخلاف آية الأنعام.
والجواب عن الثانى : أن آية الأنعام قد اكتنفها من غير الماضى من الأفعال والإعلام بما يكون قطعيا أو يتوقع فى المآل ما يقتضى المناسبة فى النظم ولو ورد غير الماضى هنا لما ناسب ولا لاءم، أما آية النجم فمبنية على مطلع السورة فى قوله تعالى :"والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى "، فقال تعالى مشيرا إلى حالهم :"إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله " فبرأ نبيه ﷺ مما نسبوا إليه وأثبت ذلك بكناية وتعريض أوقع فى نفوسهم من الإفصاح بتعيينهم وأما آية القلم فإنه لما تقدم فيها قوله تعالى :"ما أنت بنعمة ربك بمجنون " وقوله تعالى :"فستبصر ويبصرون بأييكم المفتون " تهديدا لهم وتعريفا بكذبهم فى قولهم حين نسبوه إلى الجنون أعقب ذلك بقوله تعالى :"إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله " فسجلت هذه الكناية بضلالهم وكذبهم وتناسب هذا كله أوضح تناسب. أ هـ ﴿ملاك التأويل صـ ١٦٨ ـ ١٦٩﴾


الصفحة التالية
Icon