حرم أكله وإن ذبح وذكر عليه اسم الله، فإنه لا يقبل التحليل بالتسمية، فالتسمية في غير موضعها، لورود النصوص بالتحريم، ولا تتبعوا المشركين في منعهم أنفسهم من خير مما خلق الله لهم من الحرث والأنعام بتسميتهم إياه لآلهتهم التي لا غناء عندها، ويكون ذلك حثاً على التسمية على جميع المأكول الحلال، فتكون الآية كآية البقرة بزيادة.
ولما كان هذا الأمر لا يقبله إلا من زال دين الشرك وجميع توابعه من قبله ؛ قال :﴿إن كنتم﴾ أي بما لكم من الجِِبِلَّة الصالحة ﴿بآياته﴾ أي عامة التي منها آيات التحليل والتحريم ﴿مؤمنين﴾ أي عريقين في وصف الإيمان، وقد لاح بذلك حسن انتظام قوله :﴿وما لكم﴾ أي أيّ شيء يكون لكم في ﴿ألا تأكلوا مما ذكر﴾ أي يقبل أن يذكر ﴿اسم الله﴾. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٧٠١ ـ ٧٠٢﴾

فصل


قال الفخر :
في الآية مباحث نذكرها في معرض السؤال والجواب.
السؤال الأول :"الفاء" في قوله :﴿فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسم الله عَلَيْهِ﴾ يقتضي تعلقاً بما تقدم، فما ذلك الشيء ؟
والجواب : قوله :﴿فَكُلُواْ﴾ مسبب عن إنكار اتباع المضلين الذين يحللون الحرام ويحرمون الحلال، وذلك أنهم كانوا يقولون للمسلمين : إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله فما قتله الله أحق أن تأكلوه مما قتلتموه أنتم.
فقال الله للمسلمين إن كنتم متحققين بالإيمان فكلوا مما ذكر اسم الله عليه وهو المذكى ببسم الله.
السؤال الثاني : القوم كانوا يبيحون أكل ما ذبح على اسم الله ولا ينازعون فيه، وإنما النزاع في أنهم أيضاً كانوا يبيحون أكل الميتة، والمسلمون كانوا يحرمونها، وإذا كان كذلك كان ورود الأمر بإباحة ما ذكر اسم الله عليه عبثاً لأنه يقتضي إثبات الحكم في المتفق عليه وترك الحكم في المختلف فيه.


الصفحة التالية
Icon