وقال القرطبى :
﴿ وَقَدْ فَصَّلَ ﴾ أي بيّن لكم الحلال من الحرام، وأزيل عنكم اللبس والشك.
ف"ما" استفهام يتضمن التقرير.
وتقدير الكلام : وأي شيء لكم في ألا تأكلوا.
ف"أنْ" في موضع خفض بتقدير حرف الجر.
ويصحّ أن تكون في موضع نصب على ألا يقدّر حرف جر، ويكون الناصب معنى الفعل الذي في قوله "مَا لَكُمْ" تقديره أي ما يمنعكم.
ثم استثنى فقال ﴿ إِلاَّ مَا اضطررتم إِلَيْهِ ﴾ يريد من جميع ما حرّم كالميتة وغيرها كما تقدّم في "البقرة".
وهو استثناء منقطع.
وقرأ نافع ويعقوب "وقد فَصَّل لكم ما حَرّم" بفتح الفعلين.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر وابن كَثير بالضم فيهما، والكوفيون "فَصَّل" بالفتح "حُرِّم" بالضم.
وقرأ عطية العَوْفي "فَصَل" بالتخفيف.
ومعناه أبان وظهر ؛ كما قرىء ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ ﴾ [ هود : ١ ] أي استبانت.
واختار أبو عبيدة قراءة أهل المدينة.
وقيل :"فصل" أي بيّن، وهو ما ذكره في سورة "المائدة" من قوله :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الميتة والدم وَلَحْمُ الخنزير ﴾ [ المائدة : ٣ ] الآية.
قلت هذا فيه نظر ؛ فإن "الأنعام" مكية والمائدة مدنِية فكيف يحيل بالبيان على ما لم ينزل بعد، إلا أن يكون فصّل بمعنى يفصّل. والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾