وتحقيق ذلك أن الآية هنا فيها - بعد التأكيد بالإتيان بصيغة فعيل دون فاعل - تأكيد أخر إما بالمصدر أو باسم الفاعل، فأفاد زيادة على أصل الفعل وهي الشدة فيه، فمعنى الفتح : ضيقاً - بكسر الضاد وإسكان الياء ومعناه - إن كسرتَ حرجاً - ضيقاً بإعادة اسم الفاعل، ومادة حرج بخصوص هذا الترتيب تدور على المكان الضيق الكثير الشجر، ويلزمه الشخوص على وجه الأرض والارتفاع والجمع والمنع والشدة والحيرة والحر والبرد، وهي - بأي ترتيب كان وهي خمسة : حرج جحر رجح حجر جرح - تدور على الحجر الذي هو الجسم المعروف، ويلزمه الثقل والمنع والحدة والشخوص والصلابة التي هي القسوة ويلزمها الضيق، فيرجع إلى الصلابة الحرجُ بمعنى الضيق، والحرجة للغيضة، ولحرج للقلادة من الودع، والحرجوج للريح الشديدة الباردة، والناقة الحرجوج للوقادة القلب، ويجوز رجوعها إلى الحدة، والجرح لسرير الموتى لضيق الصدر من ذكره، ولضيقه عن أسرّة الأحياء، ومنه أيضاً جحر الضب ونحوه للثقب المحتفر في الأرض، ويرجع إلى الثقل الحرجُ بمعنى الإثم، وينشأ عن ذلك البعث المفضي إلى الحيرة، ومنه حرجت عينه، أي حارت فلا تطرف، ويلزم الثقل أيضاً الجرحُ بمعنى الطعن النافذ في البدن، ومن ذلك اجترح - إذا اكتسب مالاً، لأنه من آثاره، ومنه الرجحان بمعنى الثقل، والحكم الراجح الذي يوجب رزانة صاحبه، ومنه الأرجوحة لأن كلاًّ من طرفيها يرجح بالآخر، ويرجع إلى المنع الحجرُ بمعنى العقل وبمعنى الحضن والحرام والفرس الأنثى لأنها قد تمنع من الركوب للحمل أو الولد، والحجر في المال، والحجرة للناحية القريبة لأن الشيء إذا بعد عنك - ولو قدر باع - امتنع منك، وكان التأنيث فيه لقربه، ويرجع إلى الشخوص الحرجُ للناقة الطويلة ؛ وقال الإمام أبو الفتح بن جني رحمه الله في كتابه " المحتسب في توجيه القراءات الشواذ " عند قوله تعالى في هذه السورة " وحرث حرج " فيمن قرأ بتقديم