وأجاب عنه : بأنه تعالى لم يخبر بأنه يفعل بهم ذلك في كل وقت فلا يمتنع كونهم في بعض الأوقات طيبي القلوب.
وسأل القاضي نفسه على هذا الجواب سؤالاً آخر فقال : فيجب أن تقطعوا في كل كافر بأنه يجد من نفسه ذلك الضيق والحرج في بعض الأوقات.
وأجاب عنه بأن قال : وكذلك نقول ودفع ذلك لا يمكن خصوصاً عند ورود أدلة الله تعالى وعند ظهور نصرة الله للمؤمنين، وعند ظهور الذلة والصغار فيهم، هذا غاية تقرير هذا الجواب.
والوجه الثاني : في التأويل قالوا لم لا يجوز أن يقال : المراد فمن يرد الله أن يهديه إلى الجنة يشرح صدره للإسلام ؟ أي يشرح صدره للإسلام في ذلك الوقت الذي يهديه فيه إلى الجنة، لأنه لما رأى أن بسبب الإيمان وجد هذه الدرجة العالية، والمرتبة الشريفة يزداد رغبة في الإيمان، ويحصل في قلبه مزيد انشراح وميل إليه، ومن يرد أن يضله يوم القيامة عن طريق الجنة، ففي ذلك الوقت يضيق صدره، ويحرج صدره بسبب الحزن الشديد الذي ناله عند الحرمان من الجنة والدخول في النار قالوا : فهذا وجه قريب واللفظ محتمل له، فوجب حمل اللفظ عليه.
والوجه الثالث : في التأويل أن يقال : حصل في الكلام تقديم وتأخير، فيكون المعنى من شرح صدر نفسه بالإيمان فقد أراد الله أن يهديه أي يخصه بالألطاف الداعية إلى الثبات على الإيمان، أو يهديه بمعنى أنه يهديه إلى طريق الجنة، ومن جعل صدره ضيقاً حرجاً عن الإيمان، فقد أراد الله أن يضله عن طريق الجنة، أو يضله بمعنى أنه يحرمه عن الألطاف الداعية إلى الثبات على الإيمان، فهذا هو مجموع كلامهم في هذا الباب.
والجواب عما قالوه أولاً : من أن الله تعالى لم يقل في هذه الآية أنه يضله، بل المذكور فيه أنه لو أراد أن يضله لفعل كذا وكذا.