فالجواب عنه : أن حاصل ذلك الكلام يرجع إلى تفصيل الضيق والحرج باستيلاء الغم والحزن على قلب الكافر، وهذا بعيد، لأنه تعالى ميز الكافر عن المؤمن بهذا الضيق والحرج، فلو كان المراد منه حصول الغم والحزن في قلب الكافر، لوجب أن يكون ما يحصل في قلب الكافر من الغموم والهموم والأحزان أزيد مما يحصل في قلب المؤمن زيادة يعرفها كل أحد، ومعلوم أنه ليس الأمر كذلك، بل الأمر في حزن الكافر والمؤمن على السوية، بل الحزن والبلاء في حق المؤمن أكثر.
قال تعالى :﴿وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً واحدة لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مّن فِضَّةٍ﴾ [ الزخرف : ٣٣ ] وقال عليه السلام :" خص البلاء بالأنبياء ثم بالأولياء ثم الأمثل فالأمثل "
وأما الوجه الثاني : من التأويلات الثلاثة فهو أيضاً مدفوع، لأنه يرجع حاصله إلى إيضاح الواضحات لأن كل أحد يعلم بالضرورة أن كل من هداه الله تعالى إلى الجنة بسبب الإيمان فإنه يفرح بسبب تلك الهداية وينشرح صدره للإيمان مزيد انشراح في ذلك الوقت.
وكذلك القول في قوله :﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ﴾ المراد من يضله عن طريق الجنة فإنه يضيق قلبه في ذلك الوقت فإن حصول هذا المعنى معلوم بالضرورة، فحمل الآية عليه إخراج لهذه الآية من الفائدة.


الصفحة التالية
Icon