قوله تعالى ﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً﴾

فصل


قال الفخر :
أما قوله :﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً﴾ ففيه مباحث :
البحث الأول : قرأ ابن كثير ﴿ضَيّقاً﴾ ساكنة الياء وكذا في كل القرآن، والباقون مشددة الياء مكسورة، فيحتمل أن يكون المشدد والمخفف بمعنى واحد، كسيد وسيد، وهين وهين ولين ولين، وميت وميت، وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم ﴿حَرَجاً﴾ بكسر الراء، والباقون بفتحها قال الفراء : وهو في كسره ونصبه بمنزلة الوجل والوجل، والقرد والقرد، والدنف والدنف.
قال الزجاج : الحرج في اللغة أضيق الضيق ومعناه : أنه ضيق جداً، فمن قال : إنه رجل حرج الصدر بفتح الراء فمعناه : ذو حرج في صدره، ومن قال : حرج جعله فاعلاً، وكذلك رجل دنف ذو دنف، ودنف نعت.
البحث الثاني : قال بعضهم : الحرج، بكسر الراء الضيق، والحرج بالفتح جمع حرجة، وهو الموضع الكثير الأشجار الذي لا تناله الراعية.
وحكى الواحدي في هذا الباب حكايتين : إحداهما : روى عن عبيد بن عمير عن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية وقال : هل ههنا أحد من بني بكر.
قال رجل : نعم.
قال : ما الحرجة فيكم.
قال : الوادي الكثير الشجر المشتبك الذي لا طريق فيه.
فقال ابن عباس : كذلك قلب الكافر.
والثانية : روى الواحدي عن أبي الصلت الثقفي قال : قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه الآية، ثم قال : ائتوني برجل من كنانة جعلوه راعياً فأتوا به، فقال له عمر : يا فتى ما الحرجة فيكم.
قال : الحرجة فينا الشجرة تحدق بها الأشجار فلا يصل إليها راعية ولا وحشية.
فقال عمر : كذلك قلب الكافر لا يصل إليه شيء من الخير.
أما قوله تعالى :﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السماء﴾ ففيه بحثان :


الصفحة التالية
Icon