وقرأ عمر بن الخطاب هذه الآية وعنده أعرابي من كنانة فقال له : ما الحرجة فيكم؟ قال : الحرجة فينا الشجرة تكون بين الأشجار التي لا تصل إليها راعية ولا وحشية ولا شيء، فقال عمر : كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير.
وأصل الحرج الضيق وهو مأخوذ من الحرجة وهي الأشجار الملتف بعضها على بعض حتى لا يصل إليه شيء.
وقرأ ابن عباس هذه الآية فقال : هل هنا أحد من بني بكر؟ قال رجل : نعم.
قال : ما الحرجة فيكم؟ قال : الوادي الكثير الشجر المستمسك الذي لا طريق فيه، فقال ابن عباس : كذلك قلب الكافر.
قال أهل المعاني : لما كان القلب محلاً للعلوم والاعتقادات وصف الله تعالى قلب من يريد هدايته بالإنشراح والانفساح ونوره فقبل ما أودعه من الإيمان بالله ورسوله ووصف قلب من يريد ضلالته بالضيق الذي هو خلاف الشرح والانفساح فدل ذلك على أن الله تعالى صير قلب الكافر بحيث لا يعي علماً ولا استدلالاً على توحيد الله تعالى والإيمان به وفي الآية دليل على أن جميع الأشياء بمشيئة الله وإرادته حتى إيمان المؤمن وكفر الكافر.
وقوله تعالى :﴿ كأنما يصعد في السماء ﴾ يعني أن الكافر إذا دعي إلى الإسلام كأنه قد كلف أن يصعد إلى السماء ولا يقدر على ذلك، وقيل : يجوز أن يكون المعنى كأن قلب الكافر يصعد إلى السماء نبواً عن الإسلام وتكبراً، وقيل : ضاق عليه المذهب فلم يجد إلا أن يصعد إلى الماء وليس يقدر على ذلك، وقيل : هو من المشقة وصعوبة الأمر فيكون المعنى أن الكافر إذا دعي إلى الإسلام فإنه يتكلف مشقة وصعوبة في ذلك كمن يتكلف إلى السماء وليس يقدر على ذلك. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾