والمراد هنا خبث النّفس وهو رجس الشّرك، كما قال تعالى :﴿ وأمّا الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم ﴾ [ التوبة : ١٢٥ ] أي مرضاً في قلوبهم زائداً على مرض قلوبهم السّابق، أي أرسخت المرض في قلوبهم، وتقدّم في سورة المائدة ( ٩٠ ) ﴿ إنَّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشّيطان ﴾ فالرجس يعمّ سائر الخباثات النّفسيّة، الشّاملة لضيق الصّدر وحرجه، وبهذا العموم كان تذييلاً، فليس خاصّا بضيق الصدر حتّى يكون من وضع المظهر موضع المضمر.
وقوله : كذلك } نائب عن المفعول المطلق المراد به التّشبيه والمعنى : يجعل الله الرجس على الّذين لا يؤمنون جَعْلا كهذا الضيق والحرج الشّديد الّذي جعله في صدور الّذين لا يؤمنون.
و﴿ على ﴾ في قوله :﴿ على الذين لا يؤمنون ﴾ تفيد تمكّن الرجس من الكافرين، فالعُلاوة مجاز في التمكّن، مثل :﴿ أولئك على هدى من ربّهم ﴾ [ البقرة : ٥ ] والمراد تمكّنه من قلوبهم وظهور آثاره عليهم.
وجيء بالمضارع في ﴿ يَجعل ﴾ لإفادة التّجدّد في المستقبل، أي هذه سنّة الله في كلّ من ينصرف عن الإيمان، ويُعرض عنه.
و﴿ الّذين لا يؤمنون ﴾ مَوصول يومىء إلى علّة الخبر، أي يجعل الله الرجس متمكّناً منهم لأنَّهم يعرضون عن تلقّيه بإنصاف، فيجعل الله قلوبهم متزائدة بالقساوة.
والموصول يعمّ كلّ من يُعرض عن الإيمان، فيشمل المشركين المخبر عنهم، ويشمل غيرهم من كلّ من يُدعى إلى الإسلام فيُعرض عنه، مثل يهود المدينة والمنافقين وغيرهم.
وبهذا العموم صارت الجملة تذييلاً، وصار الإتيان بالموصول جارياً على مقتضى الظاهر، وليس هو من الإظهار في مقام الإضمار. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٧ صـ ﴾