وفي الحديث السؤال عن كيفية هذا الشرح وأنه إذا وقع النور في القلب انشرح الصدر وأمارته الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الفوت والضيق والحرج كناية عن ضد الشرح واستعارة لعدم قبول الإيمان والحرج الشديد الضيق، والضمير في ﴿ يجعل ﴾ عائد على ﴿ الله ﴾ ومعنى يجعل يصير لأن الإنسان يخلق أوّلاً على الفطرة وهي كونه مهيأ لما يلقى إليه ولما يجعل فيه فإذا أراد الله إضلاله أضله وجعله لا يقبل الإيمان ويحتمل أن يكون ﴿ يجعل ﴾ بمعنى يخلق وينتصب ﴿ ضيقاً حرجاً ﴾ على الحال أي يخلقه على هذه الهيئة فلا يسمع الإيمان ولا يقبله ولاعتزال أبي عليّ الفارسي ذهب إلى أن يجعل هنا بمعنى يسمى قال كقوله :﴿ وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً ﴾ قال : أي سموهم أو بمعنى يحكم له بالضيق كما تقول : هذا يجعل البصرة مصراً أي يحكم لها بحكمها فراراً من نسبة خلق ذلك إلى الله تعالى، أو تصييره وجوباً على مذهبه الاعتزالي ونحو منه في خروج اللفظ عن ظاهره.
قول الزمخشري ﴿ أن يهديه ﴾ أن يلطف به ولا يريد أن يلطف إلا بمن له لطف بشرح صدره للإسلام يلطف به حتى يرغب في الإسلام وتسكن إليه نفسه ويحب الدخول فيه، ﴿ ومن يرد أن يضله ﴾ أن يخذله ويخليه وشأنه وهو الذي لا لطف له ﴿ يجعل صدره ضيقاً حرجاً ﴾ يمنعه ألطافه حتى يقسو قلبه وينبو عن قبول الحق وينسد فلا يدخله الإيمان ؛ انتهى.
وهذا كله إخراج اللفظ عن ظاهره وتأويل على مذهب المعتزلة والجملة التشبيهية معناها أنه كما يزاول أمراً غير ممكن لأن صعود السماء مثل فيما يبعد ويمتنع من الاستطاعة ويضيق عليه عند المقدرة قاله الزمخشري.
وهو قريب من تأويل ابن جريج وعطاء الخراساني والسدي قالوا : أي كان هذا الضيق الصدر الحرج يحاول الصعود في السماء حتى حاول الإيمان أو فكر فيه ويجد صعوبته عليه كصعوبة الصعود في السماء ؛ انتهى.