وهكذا نعرف أن هناك هداية الجزاء، من يحسن العمل يُجزِه الله الجنة، أما من يسيء فله عذاب في الدنيا والآخرة. ﴿ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السمآء كذلك يَجْعَلُ الله الرجس عَلَى الذين لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [ الأنعام : ١٢٥ ]
وهل هذا تجن من الله على خلقه؟ لا، لأنه مادام دعاهم للإيمان فآمن بعضهم وصاروا أهلاً للتجليات، وكفر بعضهم فلم يؤمنوا، فصاروا أهلاً للحرج وضيق الصدر.
ومعنى الضيق أن الشيء يكون حجمه أقل مما يؤدي به مهمته، فحين يقال : ضاق البيت بي وبعيالي، فهذا يعني أن الرجل وزوجه في البداية عاشا في غرفتين، وكان البيت متسعاً. ثم انجبا عيالاً كثيرة فضاق بهم البيت. وهكذا نعلم أنه لم يطرأ شيء على الجدران ومساحة البيت، لكن حين زاد عدد الأفراد شعر رب الأسرة بضيق المنزل. ويقال : صدره ضيّق أوضيْق فقد ورد في القرآن لفظ ضيق على لغتين : فالحق يقول :﴿.. وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [ النحل : ١٢٧ ]
وهناك في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها توجد كلمة ضَيّق، والحق يقول :﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يوحى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ.. ﴾ [ هود : ١٢ ]
فما المراد من " ضائق "، و" ضيَق "، و" ضيْق "؟. نعرف أن الصدر هو مكان الجارحتين الأساسيتين في التكوين : القلب والرئة، والرئة هي الجارحة التي لا تستمر الحياة الا بعملها ؛ فقد تبطئ الأمعاء مثلا، أو تتوقف قليلا عن عملها، ويتغذى الإنسان على خزينته من الدهن أو اللحم ولذلك يصبر الإنسان على الجوع مدة طويلة، ويصبر على الماء مدة أقل، لكنه لا يصبر على افتقاد الهواء لدقائق، ولا صبر لأحد على ترك الشهيق والزفير.