وكان ينبغي أن يقيد فيقول : أو مع الإضافة إلى معرفة وقدر بعضهم المفعول الثاني محذوفاً أي فساقاً ﴿ ليمكروا فيها ﴾ وهو ضعيف جداً لا يجوز أن يحمل القرآن عليه، وقال ابن عطية : ويقال أكابرة كما قالوا أحمر وأحامرة ومنه قول الشاعر :
إن الأحامرة الثلاثة أهلكت...
مالي وكنت بهنّ قدماً مولعا
انتهى، ولا أعلم أحداً أجاز في الأفاضل أن يقال الأفاضلة بل الذي ذكره النحويون أن أفعل التفضيل يجمع للمذكر على الأفضلين أو الأفاضل، وخص الأكابر لأنهم أقدر على الفساد والتحيل والمكر لرئاستهم وسعة أرزاقهم واستتباعهم الضعفاء والمحاويج.
قال البغوي : سنة الله أنه جعل أتباع الرسل الضعفاء كما قال :﴿ واتبعك الأرذلون ﴾ وجعل فساقهم أكابرهم، وكان قد جلس على طريق مكة أربعة ليصرفوا الناس عن الإيمان بالرسول يقولون لكل من يقدم إياك وهذا الرجل فإنه ساحر كاهن كذاب وهذه الآية تسلية للرسول إذ حاله في أن كان رؤساء قومه يعادونه كما كان في كل قرية من يعاند الأنبياء، وقرأ ابن مسلم أكبر مجرميها وأفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة وكان لمثنى أو مجموع أو مؤنث جاز أن يطابق وجاز أن يفرد كقوله :﴿ ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ﴾ وتحرير هذا وتفصيله وخلافه مذكور في علم النحو، ولام ﴿ ليمكروا ﴾ لام كي.
وقيل : لام العاقبة والصيرورة.
﴿ وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون ﴾ أي وباله يحيق بهم كما قال ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله ﴿ وما يشعرون ﴾ يحيق ذلك بهم ولا يعني شعورهم على الإطلاق وهو مبالغة في نفي العلم إذ نفى عنهم الشعور الذي يكون للبهائم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon