فصل
قال الفخر :
قال أهل المعاني : قد وصف الكفار بأنهم أموات في قوله :﴿أموات غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [ النحل : ٢١ ] وأيضاً في قوله :﴿لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً﴾ [ ياس : ٧٠ ] وفي قوله :﴿إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى﴾ [ النمل : ٨٠ ] وفي قوله :﴿وَمَا يَسْتَوِى الأعمى والبصير...
وَمَا يَسْتَوِى الأحياء وَلاَ الأموات﴾ [ فاطر : ١٩ و٢٢ ] فلما جعل الكفر موتاً والكافر ميتاً، جعل الهدى حياة والمهتدي حياً، وإنما جعل الكفر موتاً لأنه جهل، والجهل يوجب الحيرة والوقفة، فهو كالموت الذي يوجب السكون، وأيضاً الميت لا يهتدي إلى شيء، والجاهل كذلك، والهدى علم وبصر، والعلم والبصر سبب لحصول الرشد والفوز بالنجاة، وقوله :﴿وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِى الناس﴾ عطف على قوله ﴿فأحييناه﴾ فوجب أن يكون هذا النور مغايراً لتلك الحياة والذي يخطر بالبال والعلم عند الله تعالى أن الأرواح البشرية لها أربع مراتب في المعرفة.