وقال أبو حيان :
﴿ الله أعلم حيث يجعل رسالاته ﴾
هذا استئناف إنكارعليهم وأنه تعالى لا يصطفي للرسالة إلا من علم أنه يصلح لها وهو أعلم بالجهة التي يضعها فيها وقد وضعها فيمن اختاره لها وهو رسول الله محمد ﷺ دون أكابر مكة كأبي جهل والوليد بن المغيرة ونحوهما.
وقيل : الأبلغ في تصديق الرسل أن لا يكونوا قبل البعث مطاعين في قومهم لأنهم إن كانوا مطاعين قبل اتبعوا لأجل الطاعة السابقة وقالوا : حيث لا يمكن إقرارها على الظرفية هنا.
قال الحوفي : لأنه تعالى لا يكون في مكان أعلم منه في مكان فإذا لم تكن ظرفاً كانت مفعولاً على السعة والمفعول على السعة لا يعمل فيه أعلم لأنه لا يعمل في المفعولات فيكون العامل فيه فعل دل عليه أعلم.
وقال أبو البقاء : والتقدير يعلم موضع رسالاته وليس ظرفاً لأنه يصير التقدير يعلم في هذا المكان كذا وليس المعنى عليه، وكذا قدره ابن عطية.
وقال التبريزي :﴿ حيث ﴾ هنا اسم لا ظرف انتصب انتصاب المفعول كما في قول الشماخ :
وحلأها عن ذي الأراكة عامر...
أخو الخضر يرمي حيث تكوى النواحر
فجعل مفعولاً به لأنه ليس يريد أنه يرمي شيئاً حيث تكوى النواحر، إنما يريد أنه يرمي ذلك الموضع ؛ انتهى.