وقال الخازن :
﴿ وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض ﴾
يعني استمتع الجن بالإنس والإنس بالجن فأما استمتاع الإنس بالجن فقال الكلبي : كان الرجل في الجاهلية إذا سافر فنزل بأرض فقراء وخاف على نفسه من الجن قال أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه فيبيت في جوارهم.
وأما استمتاع الجن بالإنس فهم أنهم قالوا سدنا الإنس مع الجن حتى عاذوا بنا فيزدادون بذلك شرفاً في قومهم وعظماً في أنفسهم.
وقيل : استمتاع الإنس بالجن هو ما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف والسحر والكهانة وتزيينهم الأمور التي كانوا يهوونها وتسهيل سبيلها عليهم واستمتاع الجن بالإنس طاعة الإنس للجن، فيما يزينون لهم من الضلالة والمعاصي، وقيل : استمتاع الإنس بالجن فيما كانوا يدلونهم على أنواع الشهوات وأصناف الطيبات ويسهلونها عليهم واستمتاع الجن بالإنس هي طاعة الإنس للجن، فيما يأمرونهم به ويناقدون لحكمهم فصاروا كالرؤساء للإنس والإنس كالأتباع.
وقيل : إن قوله ربنا استمتع بعضها ببعض هو من كلام الإنس خاصة لأن استمتاع الجن بالإنس وبالعكس أمر نادر لا يكاد يظهر، أما استمتاع الإنس بعضهم ببعض فهو ظاهر فوجب حمل الكلام عليه ﴿ وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا ﴾ يعني أن ذلك الاستمتاع كان إلى أجل معين ووقت محدود ثم ذهب وبقيت الحسرة الندامة، قال الحسن والسدي : لأجل الموت.
وقيل : هو وقت البعث للحساب في يوم القيامة. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾