والسّلام : الأمان، والمراد به هنا الأمان الكامل الّذي لا يعتري صاحِبه شيء ممّا يُخاف من الموجودات جواهرها وأعراضها، فيجوز أن يراد بدار السّلام الجنّة سمّيت دار السّلام لأنّ السّلامة الحقّ فيها، لأنَّها قرار أمن من كلّ مكروه للنّفس، فتمحّضت للنَّعيم الملائم، وقيل : السّلام، اسم من أسماء الله تعالى، أي دار الله تعظيماً لها كما يقال للكعبة : بيت الله، ويجوز أن يراد مكانة الأمان عند الله، أي حالة الأمان من غضبه وعذابه، كقول النّابغة:
كم قد أحلّ بدار الفقر بعد غنىً
عمرو وكم راش عمرو بعد إقتار
و﴿ عند ﴾ مستعارة للقرب الاعتباري، أريد به تشريف الرتبة كما دلّ عليه قوله عَقِبه :﴿ وهو وليّهم ﴾، ويجوز أن تكون مستعارة للحفظ لأنّ الشيء النّفيس يُجعل في مكان قريب من صاحبه ليحفظه، فيكون المعنى تحقيق ذلك لهم، وأنَّه وعد كالشّيء المحفوظ المدّخر، كما يقال : إن فعلت كذا فلك عندي كذا تحقيقاً للوعد.
والعدول عن إضافة ﴿ عند ﴾ لضمير المتكلّم إلى إضافته للاسم الظاهر : لقصد تشريفهم بأنّ هذه عطيّة مَن هو مولاهم.
فهي مناسبة لفضله وبرّه بهم ورضاه عنهم كعكسه المتقدّم آنفاً في قوله تعالى :﴿ سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله ﴾ [ الأنعام : ١٢٤ ].
وعطف على جملة :﴿ لهم دار السلام ﴾ جملة :﴿ وهو وليهم ﴾ تعميماً لولاية الله إيَّاهم في جميع شؤونهم، لأنَّها من تمام المنّة.
والوليّ يطلق بمعنى النّاصر وبمعنى الموالي.