لَأَعْتَرِفَنَّ لَكَ بِذُنُوبِي وَخَطَايَايَ. فَيَجُوزُ الْجِسْرَ وَيَقُولُ الْعَبْدُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ : لَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَهُ بِذُنُوبِي وَخَطَايَايَ لَيَرُدَّنِي إِلَى النَّارِ، فَيُوحِي اللهُ إِلَيْهِ : عَبْدِي اعْتَرِفْ لِي بِذُنُوبِكَ وَخَطَايَاكَ أَغْفِرْهَا لَكَ وَأُدْخِلْكَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ الْعَبْدُ : لَا وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ مَا أَذْنَبْتُ ذَنْبًا قَطُّ وَلَا أَخْطَأْتُ خَطِيئَةً قَطُّ، فَيُوحِي اللهُ إِلَيْهِ : عَبْدِي إِنَّ لِي عَلَيْكَ بَيِّنَةً فَيَلْتَفِتُ الْعَبْدُ يَمِينًا وَشِمَالًا فَلَا يَرَى أَحَدًا، فَيَقُولُ يَارَبِّ أَرِنِي بَيِّنَتَكَ، فَيَسْتَنْطِقُ اللهُ تَعَالَى جِلْدَهُ بِالْمُحَقِّرَاتِ فَإِذَا رَأَى ذَلِكَ الْعَبْدُ يَقُولُ : يَارَبِّ عِنْدِي وَعَزَّتِكَ الْعَظَائِمُ فَيُوحِي اللهُ إِلَيْهِ : عَبْدِي أَنَا أَعْرَفُ بِهَا مِنْكَ اعْتَرِفْ لِي بِهَا أَغْفِرْهَا لَكَ وَأُدْخِلْكَ الْجَنَّةَ. فَيَعْتَرِفُ الْعَبْدُ بِذُنُوبِهِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ) ثُمَّ ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ - يَقُولُ هَذَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً فَكَيْفَ بِالَّذِي فَوْقَهُ ؟ فَالرَّبُّ تَعَالَى يُرِيدُ مِنْ عَبْدِهِ الِاعْتِرَافَ وَالِانْكِسَارَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْخُضُوعَ وَالذِّلَّةَ لَهُ وَالْعَزْمَ عَلَى مَرْضَاتِهِ. فَمَا دَامَ أَهْلُ النَّارِ فَاقِدِينَ لِهَذَا الرُّوحِ فَهُمْ فَاقِدُونَ لِرُوحِ الرَّحْمَةِ، فَإِذَا أَرَادَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرْحَمَهُمْ أَوْ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ جَعَلَ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ فَتُدْرِكُهُ الرَّحْمَةُ، وَقُدْرَةُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى غَيْرُ قَاصِرَةٍ عَنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنَاقِضُ مُوجَبَ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ


الصفحة التالية
Icon