﴿ يا معشر الجنّ والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا ﴾
هذا النداء أيضاً يوم القيامة والاستفهام للتوبيخ والتقريع، حيث أعذر الله إليهم بإرسال الرسل فلم يقبلوا منهم، والظاهر أن من الجنّ رسلاً إليهم كما أن من الإنس رسلاً لهم.
فقيل : بعث الله رسولاً واحداً من الجنّ إليهم اسمه يوسف.
وقيل : رسل الجنّ هم رسل الإنس فهم رسل الله بواسطة إذ هم رسل رسله، ويؤيده قوله :﴿ ولوا إلى قومهم منذرين ﴾ قاله ابن عباس والضحاك.
وروي أن قوماً من الجنّ استمعوا إلى الأنبياء ثم عادوا إلى قومهم فأخبروهم كما جرى لهم مع الرسول، فيقال لهم رسل الله وإن لم يكونوا رسله حقيقة وعلى هذين القولين يكون الضمير عائداً على ﴿ الجنّ والإنس ﴾ وقد تعلق قوم بهذا الظاهر فزعموا أن الله تعالى بعث إلى الجنّ رسلاً منهم ولم يفرقوا بين مكلفين ومكلفين أن يبعث إليهم رسول من جنسهم لأنهم به آنس وآلف.
وقال مجاهد والضحاك وابن جريج والجمهور : والرسل من الإنس دون الجن ولكن لما كان النداء لهما والتوبيخ معاً جرى الخطاب عليهما على سبيل التجوز المعهود في كلام العرب تغليباً للإنس لشرفهم، وتأوّله الفراء على حذف مضاف أي من أحدكم كقوله :﴿ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ﴾ أي من أحدهما وهو الملح وكقوله :﴿ وجعل القمر فيهنّ نوراً ﴾ أي في إحداهن وهي سماء الدنيا ﴿ ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ﴾ أراد بالذكر التكبير وبالأيام المعلومات العشر أي في أحد أيام وهو يوم النحر.
وقال الكلبي : كان الرسل يبعثون إلى الإنس وبعث محمد ﷺ إلى الجن والإنس.


الصفحة التالية
Icon