وقد تشمل الآية بطريق الإشارة كلّ ظالم، فتدلّ على أنّ الله سلّط على الظالممِ من يظلمه، وقد تأوّلها على ذلك عبد الله بن الزُبير أيَّام دَعوته بمكّة فإنَّه لمَّا بلغه أنّ عبد الملك بن مروان قَتَل عَمْراً بنَ سعيد الأشدقَ بعد أن خرج عَمرو عليه، صَعِد المنبر فقال :"ألاَ إنّ ابن الزّرقاء يعني عبدَ الملك بن مروان ؛ لأنّ مروان كان يلقّب بالأزرق وبالزرقاء لأنّه أزرق العينين قد قَتل لَطِيم الشّيطان ﴿ وكذلك نولى بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون ﴾.
ومن أجل ذلك قيل : إنْ لم يُقلع الظّالم عن ظلمه سُلّط عليه ظالم آخر.
قال الفخر : إنْ أراد الرّعيّةُ أن يتخلّصوا من أمير ظالم ؛ فليتركوا الظّلم.
وقد قيل :
ومَا ظَالمٌ إلاّ سَيُبْلَى بظَالِم
وقوله :﴿ بما كانوا يكسبون ﴾ الباء للسببية، أي جزاء على استمرار شركهم.
والمقصود من الآية الاعتبار والموعظة، والتّحذير مع الاغترار بولاية الظّالمين.
وتوخي الأتباععِ صلاحَ المتبوعين.
وبيانُ سنّة من سنن الله في العالَمين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٧ صـ ﴾