وهذا أيضا مما يُقرع الله به سبحانه وتعالى كافري الجن والإنس يوم القيامة، حيث يسألهم - وهو أعلم - : هل بلغتهم الرسل رسالاته ؟ وهذا استفهامُ تقرير :﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ﴾ أي : من جملتكم. والرسل من الإنس فقط، وليس من الجن رسل، كما [قد] نص على ذلك مجاهد، وابن جُرَيْج، وغير واحد من الأئمة، من السلف والخلف.
وقال ابن عباس : الرسل من بني آدم، ومن الجن نُذُر.
وحكى ابن جرير، عن الضحاك بن مُزاحم : أنه زعم أن في الجن رسلا واحتج بهذه الآية الكريمة وفي الاستدلال بها على ذلك نظر ؛ لأنها محتملة وليست بصريحة، وهي - والله أعلم - كقوله [تعالى] ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ. بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ﴾ إلى أن قال :﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ [الرحمن : ١٩ - ٢٢]، ومعلوم أن اللؤلؤ والمرجان إنما يستخرج من الملح لا من الحلو. وهذا واضح، ولله الحمد. وقد نص هذا الجواب بعينه ابن جرير.