فوَصْف الرّسل بقوله :﴿ منكم ﴾ لزيادة إقامة الحجّة، أي رسل تعرفونهم وتسمعونهم، فيجوز أن يكون ( مِن ) اتِّصالية مثل الّتي في قولهم : لَسْتُ منك ولستَ مِنِّي، وليست للتّبعيض، فليست مثل الّتي في قوله :﴿ هو الذي بعث في الأمّيين رسولاً منهم ﴾ [ الجمعة : ٢ ] وذلك أنّ رسل الله لا يكونون إلاّ من الإنس، لأنّ مقام الرّسالة عن الله لا يليق أن يجعل إلاّ في أشرف الأجناس من الملائكة والبشر، وجنسُ الجنّ أحَطّ من البشر لأنَّهم خلقوا من نار.
وتكون ( من ) تبعيضية، ويكون المراد بضمير :﴿ منكم ﴾ خصوص الإنس على طريقة التغليب، أو عود الضّمير إلى بعض المذكور قَبله كما في قوله تعالى :﴿ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ﴾ [ الرحمن : ٢٢ ] وإنما يخرج اللؤلؤ والمرجان من البحر الملح.