جعلنا مجرميها أكابر. قال الزجاج : إنما جعل المجرمين أكابر لأنهم لأجل رياستهم أقدر على الغدر والمكر وترويج الأباطيل على الناس من غيرهم، ولأن كثرة المال وقوّة الجاه تحمل الناس على المبالغة في حفظهما وذلك لا يتم إلا باستعمال بعض الأخلاق الذميمة من المكر والغدر والكذب والغيبة والنميمة والشح والأيمان الكاذبة وكفى بهذه الأمور دليلاً على خساسة المال والجاه. واللام في ﴿ ليمكروا ﴾ على أصله عند الأشاعرة، واستدلوا به على أن الشر بإرادة الله تعالى. وحمله المعتزلة على لام العاقبة مجازاً حملوا الجعل في قوله :﴿ وكذلك جعلنا ﴾ على التخلية والخذلان. ثم قال في معرض التهديد ﴿ وما يمكرون إلا بأنفسهم ﴾ لأن وباله يعود عليهم ﴿ وما يشعرون ﴾ وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وآله وتقديم موعد بالنصرة، ثم إنه سبحانه حكى قول أبي جهل وأضرابه " زاحمنا بني عبد مناف في الشرف إلى آخره " وقول الوليد بن المغيرة " لو كانت النبوّة حقاً لكنت أولى بها منك لأني أكبر منك سناً وأكثر منك مالاً " فقال :﴿ وإذا جاءتهم آية ﴾ أي معجزة قاهرة أو وحي.