وقد قال عيسى :﴿ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ﴾ [ المائدة : ١١٨ ] وقد تقدّم.
وأجاز الفراء أن يكون "ذلِك" في موضع نصب، المعنى : فعل ذلك بهم ؛ لأنه لم يكن يهلك القرى بظلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
وقوله عز وجل : و﴿ ذلك ﴾ إشارة إلى ما تقدم ذكره من بعثة الرسل إليهم وإنذارهم سوء العاقبة، وقال الزجاج : معناه ذلك الذي قصصنا عليك من أمر الرسل وأمر عذاب من كذبهم ﴿ أن لم يكن ربك ﴾ يعني لأنه لم يكن ربك ﴿ مهلك القرى بظلم ﴾
قال الكلبي : معناه لم يكن ليهلكهم بذنوبهم من قبل أن يأتيهم الرسل فتنهاهم فإن رجعوا وإلا أتاهم العذاب، وهذا قول جمهور المفسرين قال الفراء : يجوز أن يكون المعنى لم يكن ليهلكهم بظلم منه ﴿ وأهلها غافلون ﴾ أي : وهم غافلون فعلى قول الجمهور : يكون الظلم فعلاً للكفار وهو شركهم وذنوبهم التي عملوها، وعلى قول الفراء : إنه لو أهلكهم قبل بعثة الرسل لكان ظالماً والله عز وجل يتعالى عن الظلم.
والقول الأول : أصح، لأنه تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا اعتراض لأحد عليه في شيء من أفعاله، غير أنه أخبر أنه لا يعذب قبل بعثة الرسل ولو فعل ذلك لم يكن ظلماً منه. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ﴾ الإشارة بذلك إلى أقرب مذكور دل عليه الكلام وهو إتيان الرسل قاصين الآيات ومنذرين بالحشر والحساب والجزاء بسبب انتفاء إهلاك القرى بظلم وأهلها لم ينتهوا ببعثة الرسل إليهم والإعذار إليهم والتقدم بالأخبار بما يحل بهم، إذا لم يتبعوا الرسل وفي الحديث :" ليس أحد أحب إليه العذر من الله ".
فمن أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل.
وقال الزجاج قريباً من هذا أي ذلك الذي قصصنا عليك من أمر الرسل وأمر عذاب من كذب لأنه لم يكن كذا أي لا يهلكهم حتى يبعث إليهم رسولاً.


الصفحة التالية
Icon