التعذيبِ الأخروي عنه تعالى على الوجه البرهانيّ بطريق الأولوية، فإنه تعالى حيث لم يعذِّبهم بعذاب يسيرٍ منقطعٍ بدون إنذارٍ فلأن لا يعذِّبَهم بعذاب شديد مخلدٍ أولي وأجلي، ولو عُلل بما ذكر من نفي التعذيبِ لانصرف بحسب المقام إلى ما فيه الكلامُ من نفي التعذيبِ الأخروي، ونفذُ التعذيب الدنيويِّ غيرُ متعرَّضٍ له لا صريحاً ولا دَلالةً ضرورةَ أن نفذَ الأعلى لا يدل على نفذ الأدنى ولأن ترتبَ التعذيبِ الدنيويِّ على الإنذار عند عدمِ تأثرِ المنذَرين منه معلومٌ مشاهدٌ عند السامعين فيستدلون بذلك على أن التعذيبَ الأخرويَّ أيضاً كذلك فينزجرون عن الإخلال بمواجب الإنذارِ أشدَّ انزجارٍ، هذا هو الذي تستدعيه جزالةُ النظمِ الكريم، وأما جعلُ ذلك إشارةً إلى إرسال الرسلِ عليهم السلام وإنذارِهم، وخبرُ المبتدأ محذوفٌ كما أطبق عليه الجمهورُ فبمعزل من مقتضى المقامِ، والله سبحانه أعلم. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon