(وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ) أَوْلِيَاؤُهُمْ هُمُ الَّذِينَ تَوَلَّوْهُمْ. أَيْ أَطَاعُوهُمْ فِي وَسْوَسَتِهِمْ وَمَا أَلْقَوْهُ إِلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِ الْغُرُورِ، وَالِاسْتِمْتَاعُ طَلَبُ الشَّيْءِ لِجَعْلِهِ مَتَاعًا. أَوْ جَعْلِهِ مَتَاعًا بِالْفِعْلِ. وَالْمَتَاعُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ انْتِفَاعًا طَوِيلًا مُمْتَدًّا وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا ؛ لِأَنَّ أَصْلَ مَعْنَاهُ الطُّولُ وَالِارْتِفَاعُ. أَيْ وَقَالَ الَّذِينَ تَوَلَّوُا الْجِنَّ مِنَ الْإِنْسِ فِي جَوَابِ الرَّبِّ تَعَالَى : يَا رَبَّنَا قَدِ تَمَتَّعَ كُلٌّ مِنَّا بِالْآخَرِ، أَيْ بِمَا كَانَ لِلْجِنِّ مِنَ اللَّذَّةِ فِي إِغْوَائِنَا بِالْأَبَاطِيلِ وَأَهْوَاءِ الْأَنْفُسِ وَشَهَوَاتِهَا، وَبِمَا كَانَ لَنَا فِي طَاعَةِ وَسْوَسَتِهِمْ مِنَ اللَّذَّةِ فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى وَالِانْغِمَاسِ فِي اللَّذَّاتِ. قَالَ الْحَسَنُ : وَمَا كَانَ اسْتِمْتَاعُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ إِلَّا أَنَّ الْجِنَّ أَمَرَتْ وَعَمِلَتِ الْإِنْسُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَنْزِلُ بِالْأَرْضِ فَيَقُولُ : أَعُوذُ بِكَبِيرِ هَذَا الْوَادِي - فَذَلِكَ اسْتِمْتَاعُهُمْ فَاعْتَذَرُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ بِلَفْظِ : وَأَمَّا اسْتِمْتَاعُ الْجِنِّ بِالْإِنْسِ فَإِنَّهُ كَانَ فِيمَا ذُكِرَ مَا يَنَالُ الْجِنُّ مِنَ الْإِنْسِ مِنْ تَعْظِيمِهِمْ إِيَّاهُمْ فِي اسْتِعَاذَتِهِمْ بِهِمْ فَيَقُولُونَ قَدْ سُدْنَا الْإِنْسَ وَالْجِنَّ انْتَهَى. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَظَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى خُرَافَاتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا،


الصفحة التالية
Icon