(أَحَدُهَا) أَنَّ مَنْ دَخَلَهَا لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا، بَلْ كُلُّ مَنْ دَخَلَهَا لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا، بَلْ كُلُّ مَنْ دَخَلَهَا مُخَلَّدٌ فِيهَا أَبَدَ الْآبَادِ بِإِذْنِ اللهِ وَهَذَا قَوْلُ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ.
(وَالثَّانِي) أَنَّ أَهْلَهَا يُعَذَّبُونَ فِيهَا مُدَّةً ثُمَّ تَنْقَلِبُ عَلَيْهِمْ وَتَبْقَى طَبِيعَةً نَارِيَّةً لَهُمْ يَتَلَذَّذُونَ بِهَا لِمُوَافَقَتِهَا لِطَبِيعَتِهِمْ. وَهَذَا قَوْلُ إِمَامِ الِاتِّحَادِيَّةِ ابْنِ عَرَبِيٍّ الطَّائِيِّ (قَالَ فِي فُصُوصِهِ) الثَّنَاءُ بِصِدْقِ الْوَعْدِ لَا بِصِدْقِ الْوَعِيدِ، وَالْحَضْرَةُ الْإِلَهِيَّةُ تَطْلُبُ الثَّنَاءَ الْمَحْمُودَ بِالذَّاتِ فَيُثْنَى عَلَيْهَا بِصِدْقِ الْوَعْدِ لَا بِصِدْقِ الْوَعِيدِ بَلْ بِالتَّجَاوُزِ (فَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) (١٤ : ٤٧)
لَمْ يَقُلْ وَعِيدَهُ، بَلْ قَالَ :(وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ) (٤٦ : ١٦) مَعَ أَنَّهُ تَوَعَّدَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَثْنَى عَلَى إِسْمَاعِيلَ بِأَنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ، وَقَدْ زَالَ الْإِمْكَانُ فِي حَقِّ الْحَقِّ لِمَا فِيهِ مِنْ طَلَبِ الْمُرَجِّحِ.
فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا صَادِقُ الْوَعْدِ وَحْدَهُ وَمَا لِوَعِيدِ الْحَقِّ عَيْنٌ تُعَايِنُ وَإِنْ دَخَلُوا دَارَ الشَّقَاءِ فَإِنَّهُمْ عَلَى لَذَّةٍ فِيهَا نَعِيمٌ مُبَايِنٌ نَعِيمُ جِنَانِ الْخُلْدِ وَالْأَمْرُ وَاحِدٌ وَبَيْنَهُمَا عِنْدَ التَّجَلِّي تَبَايُنٌ يُسَمَّى عَذَابًا مِنْ عُذُوبَةِ طَعْمِهِ وَذَاكَ لَهُ كَالْقِشْرِ وَالْقِشْرُ صَايِنٌ


الصفحة التالية
Icon