أَحَدُهَا - اعْتِقَادُ الْإِجْمَاعِ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ هَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ حَادَثٌ وَهُوَ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْبِدَعِ.
الطَّرِيقُ الثَّانِي - أَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ دَلَالَةً قَطْعِيَّةً، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ عَذَابٌ مُقِيمٌ وَأَنَّهُ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ، وَأَنَّهُ لَنْ يَزِيدَهُمْ إِلَّا عَذَابًا، وَأَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا أَبَدًا وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ، وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ، وَأَنَّ اللهَ حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ وَأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ، وَأَنَّهُمْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا. وَأَنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا، أَيْ مُقِيمًا لَازِمًا، قَالُوا : وَهَذَا يُفِيدُ الْقَطْعَ بِدَوَامِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ.
الطَّرِيقُ الثَّالِثُ - أَنَّ السُّنَّةَ الْمُسْتَفِيضَةَ أَخْبَرَتْ بِخُرُوجِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ دُونَ الْكُفَّارِ، وَأَحَادِيثُ الشَّفَاعَةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا صَرِيحَةٌ فِي خُرُوجِ عُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ النَّارِ وَأَنَّ هَذَا حُكْمٌ مُخْتَصٌّ بِهِمْ، فَلَوْ خَرَجَ الْكَفَّارُ مِنْهَا لَكَانُوا
بِمَنْزِلَتِهِمْ وَلَمْ يَخْتَصَّ الْخُرُوجُ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ.
الطَّرِيقُ الرَّابِعُ - أَنَّ الرَّسُولَ وَقَّفَنَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلِمْنَاهُ مِنْ دِينِهِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بِنَا إِلَى نَقْلٍ مُعَيَّنٍ كَمَا عَلِمْنَا مِنْ دِينِهِ دَوَامَ الْجَنَّةِ وَعَدَمَ فَنَائِهَا.