لَمْ يُفَارِقْهَا بِحَيْثُ لَوْ رُدُّوا لَعَادُوا كُفَّارًا كَمَا كَانُوا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَوَامَ تَعْذِيبِهِمْ يَقْضِي بِهِ الْعَقْلُ كَمَا جَاءَ بِهِ السَّمْعُ.
(قَالَ أَصْحَابُ الْفَنَاءِ : الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الطُّرُقِ يُبَيِّنُ الصَّوَابَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ)
(فَأَمَّا الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ) فَالْإِجْمَاعُ الَّذِي ادَّعَيْتُمُوهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَإِنَّمَا يَظُنُّ الْإِجْمَاعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ النِّزَاعَ، وَقَدْ عُرِفَ النِّزَاعُ بِهَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا، بَلْ لَوْ كُلِّفَ مُدَّعِي الْإِجْمَاعِ أَنْ يَنْقُلَ عَنْ عَشَرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَا دُونَهُمْ إِلَى الْوَاحِدِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ النَّارَ لَا تَفْنَى أَبَدًا لَمْ يَجِدْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، وَنَحْنُ قَدْ نَقَلْنَا عَنْهُمُ التَّصْرِيحَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَمَا وَجَدْنَا عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خِلَافَ ذَلِكَ، بَلِ التَّابِعُونَ حَكَوْا عَنْهُمْ هَذَا وَهَذَا، قَالُوا : وَالْإِجْمَاعُ الْمُعْتَدُّ بِهِ نَوْعَانِ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَنَوْعٌ ثَالِثٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.