وَتَقْتَضِيهَا فَتَدُومُ آثَارُهَا بِدَوَامِ مُتَعَلِّقِهَا. وَأَمَّا الشُّرُورُ فَلَيْسَتْ مَقْصُودَةً لِذَاتِهَا وَلَا هِيَ الْغَايَةَ الَّتِي خُلِقَ لَهَا الْخَلْقُ، فَهِيَ مَفْعُولَاتٌ قُدِّرَتْ لِأَمْرٍ مَحْبُوبٍ وَجُعِلَتْ وَسِيلَةً إِلَيْهِ، فَإِذَا حَصَلَ مَا قُدِّرَتْ لَهُ اضْمَحَلَّتْ وَتَلَاشَتْ وَعَادَ الْأَمْرُ إِلَى الْخَيْرِ الْمَحْضِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ - أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ رَحْمَتَهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا وَفِيهِ رَحْمَتُهُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنْ يَرْحَمَ الْعَبْدَ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَيُؤْلِمُهُ وَتَشْتَدُّ كَرَاهَتُهُ لَهُ ; فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ رَحْمَتِهِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ آنِفًا وَقَوْلَهُ تَعَالَى لِذَيْنَكِ الرَّجُلَيْنِ، رَحْمَتِي لَكُمَا أَنْ تَنْطَلِقَا فَتُلْقِيَا أَنْفُسَكُمَا حَيْثُ كُنْتُمَا مِنَ النَّارِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا دَعَا لِمُبْتَلًى قَدِ اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَقَالَ : اللهُمَّ ارْحَمْهُ -