وقال الحسن : كان إذا هلك ما لأوثانهم غَرِموه، وإذا هلك مالله لم يَغْرَمُوه.
وقال ابن زيد : كانوا لا يأكلون ما جعلوه لله حتى يذكروا عليه اسم أوثانهم، ولا يذكرون الله على ما جعلوه للأوثان.
فأما قوله "بزَعمهم" فقرأ الجمهور : بفتح الزاي ؛ وقرأ الكسائي، والأعمش : بضمها.
وفي الزعم ثلاث لغات : ضم الزاي، وفتحها، وكسرها.
ومثله : السُّقط والسَّقط والسِّقط ؛ والفَتْك، والفُتْك، والفِتْك : والزَّعم والزُّعم والزِّعم.
قال الفراء : فتح الزاي في الزَّعم لأهل الحجاز ؛ وضمها لأسد ؛ وكسرها لبعض قيس فيما يحكي الكسائي. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحرث والأنعام نَصِيباً ﴾
فيه مسألة واحدة :
ويقال : ذرأ يذرأ ذرءاً، أي خلق.
وفي الكلام حذف واختصار، وهو وجعلوا لأصنامهم نصيباً ؛ دلّ عليه ما بعده.
وكان هذا مما زيّنه الشيطان وسوّله لهم، حتى صَرَفُوا من مالهم طائفةً إلى الله بزعمهم وطائفةً إلى أصنامهم ؛ قاله ابن عباس والحسن ومجاهد وقَتادة.
والمعنى متقارب.
جعلوا لله جزءاً ولشركائهم جزءاً، فإذا ذهب ما لشركائهم بالإنفاق عليها وعلى سَدَنتها عوّضوا منه ما لله، وإذا ذهب ما لله بالإنفاق على الضِّيفان والمساكين لم يعوّضوا منه شيئاً، وقالوا : الله مُستغْن عنه وشركاؤنا فقراء.
وكان هذا من جهالاتهم وبزعمهم.
والزعم الكذب.
قال شُريح القاضي : إن لكل شيء كُنْية وكُنْيةُ الكذب زعموا.
وكانوا يكذبون في هذه الأشياء لأنه لم ينزل بذلك شرع.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : من أراد أن يعلم جهل العرب فليقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام إلى قوله :"قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ".