واعلم يا أخي أن الكل لا يحاولون إلا التقديس والتعظيم، وسمعت الشيخ الإمام الوالد ضياء الدين عمر بن الحسين رحمه الله قال : سمعت الشيخ أبا القاسم سليمان بن ناصر الأنصاري، يقول : نظر أهل السنة على تعظيم الله في جانب القدرة ونفاذ المشيئة، ونظر المعتزلة على تعظيم الله في جانب العدل والبراءة عن فعل ما لا ينبغي، فإذا تأملت علمت أن أحداً لم يصف الله إلا بالتعظيم والإجلال والتقديس والتنزيه، ولكن منهم من أخطأ ومنهم من أصاب، ورجاء الكل متعلق بهذه الكلمة وهي قوله :﴿وَرَبُّكَ الغنى ذُو الرحمة ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٦٤ ـ ١٦٥﴾
قوله تعالى ﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء﴾
فصل
قال الفخر :
المعنى أنه تعالى لما وصف نفسه بأنه ذو الرحمة فقد كان يجوز أن يظن ظان أنه وإن كان ذا الرحمة إلا أن لرحمته معدناً مخصوصاً وموضعاً معيناً فبين تعالى أنه قادر على وضع الرحمة في هذا الخلق، وقادر على أن يخلق قوماً آخرين ويضع رحمته فيهم وعلى هذا الوجه يكون الاستغناء عن العالمين أكمل وأتم والمقصود التنبيه على أن تخصيص الرحمة بهؤلاء ليس لأجل أنه لا يمكنه إظهار رحمته إلا بخلق هؤلاء.
أما قوله :﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ فالأقرب أن المراد به الإهلاك ويحتمل الإماتة أيضاً ويحتمل أن لا يبلغهم مبلغ التكليف وأما قوله :﴿وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم﴾ يعني من بعد إذهابكم لأن الاستخلاف لا يكون إلا على طريق البدل من فائت.