وقال الآلوسى :
﴿ وكذلك ﴾ أي ومثل ذلك التزيين وهو تزيين الشرك في قسمة القربان من الحرث والأنعام بين الله تعالى وبين شركائهم أو مثل ذلك التزيين البليغ المعهود من الشياطين ﴿ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مّنَ المشركين ﴾ أي مشركي العرب ﴿ قَتْلَ أولادهم ﴾ فكانوا يئدون البنات الصغار بأن يدفنونهن أحياء، وكانوا في ذلك على ما قيل فريقين أحدهما يقول : إن الملائكة بنات الله سبحانه فألحقوا البنات بالله تعالى فهو أحق بها.
والآخر يقتلهن خشية الإنفاق، وقيل : خشية ذلك والعار وهو المروي عن الحسن وجماعة، وقيل : السبب في قتل البنات أن النعمان بن المنذر أغار على قوم فسبى نساءهم وكانت فيهن بنت قيس بن عاصم ثم اصطلحوا فأرادت كل امرأة منهن عشيرتها غير ابنة قيس فإنها أرادت من سباها فحلف قيس لا تولد له بنت إلا وأدها فصار ذلك سنة فيما بينهم، وقيل : إنهم كانوا ينذر أحدهم إذا بلغ بنوه عشرة نحر واحد منهم كما فعله عبد المطلب في قصته المشهورة، وإليها أشار ﷺ بقوله :" أنا ابن الذبيحين " و﴿ قَتْلَ ﴾ مفعول ﴿ زُيّنَ ﴾ مضاف إلى ﴿ أولادهم ﴾ من إضافة المصدر إلى مفعوله.
وقوله سبحانه :﴿ شُرَكَاؤُهُمْ ﴾ فاعل له، والمراد بالشركاء إما الجن أو السدنة، ووسموا بذلك لأنهم شركاء في أموالهم كما مر آنفاً أو لإطاعتهم له كما يطاع الشريك لله عز اسمه.
ومعنى تزيينهم لهم ذلك تحسينه لهم وحثهم عليه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ﴾
عطفٌ على جملة :﴿ وجعلوا لله ممّا ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً ﴾ [ الأنعام : ١٣٦ ] والتقدير : جَعَلوا وزيَّنَ لهم شركاؤُهم قتلَ أولادِهم فقتلوا أولادَهم، فهذه حكاية نوع من أنواع تشريعاتهم الباطلة، وهي راجعة إلى تصرّفهم في ذُرّيَّاتهم بعد أن ذكر تصرّفاتهم في نتائج أموالهم.