وقال أبو عبد الله الرازي : الوعد مخصوص بالإخبار عن الثواب فهو آت لا محالة، فتخصيص الوعد بهذا الجزم يدل على أن جانب الوعيد ليس كذلك ويقوي هذا الوجه أنه قال :﴿ وما أنتم بمعجزين ﴾ أي لا تخرجون عن قدرتنا وحكمتنا فلما ذكر الوعد جزم، ولما ذكر الوعيد ما زاد على ﴿ وما أنتم بمعجزين ﴾ وذلك يدل على أن جانب الرحمة غالب فتلخص في قوله :﴿ ما توعدون ﴾ العموم ويخرج منه ما خرج بالدليل أو يراد به الخصوص من الحشر أو النصر أو الوعيد أو الوعد أي بلازمهما من الثواب أو العقاب أو مجموعهما ستة أقوال.
وكتبت أن مفصولة من ما وما بمعنى الذي وفي هذه الجملة إشعار بقصر الأمل وقرب الأجل والمجازاة على العمل.
﴿ وما أنتم بمعجزين ﴾ أي فائتين أعجزني الشيء : فاتني أي لا يفوتنا عن ما أردنا بكم.
قال ابن عطية : معناه بناجين وهنا تفسير باللازم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال ابن كثير :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ أي : أخبرهم يا محمد أن الذي يوعدون به من أمر المعاد كائن لا محالة، ﴿ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ أي : ولا تعجزون الله، بل هو قادر على إعادتكم، وإن صرتم ترابًا رفاتًا وعظامًا هو قادر لا يعجزه شيء.
وقال ابن أبي حاتم في تفسيرها : حدثنا أبي، حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا محمد بن حمير، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سعيد الخدُرْي، رضي الله عنه، عن النبي ﷺ أنه قال :"يا بني آدم، إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى. والذي نفسي بيده إنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين" (١). أ هـ ﴿تفسير ابن كثير حـ ٣ صـ ٣٤٣﴾