والتذكير في قوله تعالى :﴿ وَمُحَرَّمٌ على أزواجنا ﴾ أي على جنس أزواجنا وهن الإناث باعتبار اللفظ، واستبعد ذلك بأن فيه رعاية المعنى أولاً واللفظ ثانياً وهو خلاف المعهود في الكتاب الكريم من العكس، وادعى بعض أن له نظائر فيه، منها قوله تعالى :﴿ كُلُّ ذلك كَانَ سَيّئُهُ عِنْدَ رَبّكَ مَكْرُوهًا ﴾ [ الإسراء : ٣٨ ] إذ أنث فيه ضمير "كل" أولاً مراعاة للمعنى ثم ذكر حملاً على اللفظ، وقيل : إن ما هنا جار على المعهود من رعاية اللفظ أولاً لأن صلة "ما" جار ومجرور تقدير متعلقه استقر لا استقرت ولا وجه لذلك لأن المتعلق والضمير المستتر فيه لا يعلم تذكيره وتأنيه حتى يكون مراعاة لأحد الجانبين، والذي يقتضيه الإنصاف أن الحمل على اللفظ بعد المعنى قليل وغيره أولى ما وجد إليه سبيل، وذكر بعضهم أن ارتكاب خلاف المعهود ههنا لا يخلو عن لطف معنوي ولفظي، أما الأول فموافقة القول الفعل حيث إن المعهود من ذوي المروءة جبر قلوب الإناث لضعفهن.
ولذا يندب للرجل إذا أعطى شيئاً لولده أن يبدأ بإنثاهم، وأما الثاني فمراعاة ما يشبه الطباق بوجه بين خالصة وذكورنا وبين محرم وأزواجنا وهو كما ترى.
﴿ وَإِن يَكُن مَّيْتَةً ﴾ عطف على ما يفهم من الكلام أي ذلك حلال للذكور محرم على الإناث إن ولد حياً وإن ولدت ميتة ﴿ فَهُمُ ﴾ أي الذكور والإناث ﴿ فِيهِ ﴾ أي فيما في بطون الأنعام، وقيل : الضمير للميتة إلا أنه لما كان المراد بها ما يعم الذكر والأنثى غلب الذكر فذكر الضمير كما فعل ذلك فيما قبله ﴿ شُرَكَاء ﴾ يأكلون منه جميعاً، وهذا الذي ذكر في هذه الشرطية إنما يظهر على القول الأول في تفسير الموصول، وأما على القول الثاني فيه فلا.


الصفحة التالية
Icon