﴿ سَيَجْزِيهِم ﴾ ولا بد ﴿ وَصْفَهُمْ ﴾ الكذب على الله تعالى في أمر التحليل والتحريم من قوله تعالى :﴿ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الكذب ﴾ [ النحل : ٦٢ ] وهو كما قال بعض المحققين من بليغ الكلام وبديعه فإنهم يقولون : وصف كلامه الكذب إذا كذب، وعينه تصف السحر أي ساحر، وقده يصف الرشاقة بمعنى رشيق مبالغة حتى كان من سمعه أو رآه وصف له ذلك بما يشرحه له، قال المعري
: سرى برق المعرة بعد وهن...
فبات برامة يصف الملالا
ونصب ﴿ وَصْفَهُمْ ﴾ على ما ذهب إليه الزجاج لوقوعه موقع مصدر "يجزيهم" فالكلام على تقدير المضاف أي جزاء وصفهم، وقيل : التقدير سيجزيهم العقاب بوصفهم أي بسببه فلما سقط الباء نصب ﴿ وَصْفَهُمْ ﴾.
﴿ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾ تعليل للوعد بالجزاء فإن الحكيم العليم بما صدر عنهم لا يكاد يترك جزاءهم الذي هو من مقتضيات الحكمة.
واستدل بالآية على أنه لا يجوز الوقف على أولاده الذكور دون الإناث وأن ذلك الوقف يفسخ ولو بعد موت الواقف لأن ذلك من فعل الجاهلية، واستدل بذلك بعض المالكية على مثل ذلك في الهبة، وأخرج البخاري في "التاريخ" عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : يعمد أحدكم إلى المال فيجعله للذكور من ولده إن هذا إلا كما قال الله تعالى :﴿ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ على أزواجنا ﴾. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا﴾
عطف على قوله :﴿ وقالوا هذه أنعام وحرث حجر ﴾ [ الأنعام : ١٣٨ ].
وأعيد فعل :﴿ قالوا ﴾ لاختلاف غرض المقول.
والإشارة إلى أنعام معروفة بينهم بصفاتها، كما تقدّم، أو إلى الأنعام المذكورة قبل.