ثم قال :﴿ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ الله ﴾ يعني : ما أعطاهم ﴿ افتراء ﴾ يعني : كذباً ﴿ عَلَى الله ﴾ بأنه قد حرم ذلك عليهم ﴿ قَدْ أَضَلُّواْ ﴾ عن الهدى ﴿ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ﴾ يعني : وما هم بمهتدين ويقال :﴿ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ﴾ من قبل فخذلهم الله بذلك قرأ ابن كثير وابن عامر ﴿ قاتلوا ﴾ بالتشديد لتكثير الفعل والباقون بالتخفيف. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾
هذا لفظ يتضمن التشنيع بقبح فعلهم والتعجب من سوء حالهم في وأدهم البنات وحجرهم الأنعام والحرث، وقال عكرمة : وكان الوأد في ربيعة ومضر.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وكان جمهور العرب لا يفعله، ثم إن فاعليه كان منهم من يفعله خوف العيلة والاقتار وكان منهم من يفعله غيرة مخافة السباء وقرأ ابن عامر وابن كثير :" قتّلوا " بتشديد التاء على المبالغة وقرأ الباقون :" قتلوا " بتخفيفها و﴿ ما رزقهم الله ﴾ : هي تلك الأنعام والغلات التي توقف بغير شرع ولا مثوبة في معاد بل بالافتراء على الله والكذب و﴿ قد ضلوا ﴾ إخباراً عنهم بالحيرة وهو من التعجيب بمنزلة قوله ﴿ قد خسر ﴾، ﴿ وما كانوا ﴾ يريد في هذه الفعلة ويحتمل أن يريد : وما كانوا قبل ضلالهم بهذه الفعلة مهتدين لكنهم زادوا بهذه الفعلة ضلالاً. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾
أخبر بخسرانهم لِوَأْدِهِم البنات وتحريمهم البَحِيرة وغيرها بعقولهم ؛ فقتلوا أولادهم سَفَهاً خوف الإملاق، وحجروا على أنفسهم في أموالهم ولم يخشُوا الإملاق ؛ فأبان ذلك عن تناقض رأيهم.
قلت : إنه كان من العرب من يقتل ولده خَشْية الإملاق ؛ كما ذكر الله عز وجل في غير هذا الموضع.