وَقَدْ حُذِفَ ذِكْرُ هَذَا النَّصِيبِ إِيجَازًا لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :(فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا) أَيْ فَقَالُوا فِي الْأَوَّلِ : هَذَا لِلَّهِ، أَيْ نَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ. وَفِي الثَّانِي : هَذَا لِشُرَكَائِنَا، أَيْ مَعْبُودَاتُهُمْ يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَيْهَا. وَقَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ بِزَعْمِهِمْ مَعْنَاهُ بِتَقَوُّلِهِمْ وَوَضْعِهِمُ الَّذِي لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ وَلَا هُدًى مِنَ اللهِ ; لِأَنَّ جَعْلَهُ قُرْبَةً لِلَّهِ يَجِبُ أَلَّا يُشْرَكَ مَعَهُ غَيْرُهُ فِي مِثْلِهِ وَأَنْ يَكُونَ بِإِذْنٍ مِنْهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ دِينٌ، وَإِنَّمَا الدِّينُ لِلَّهِ وَمِنَ اللهِ وَحْدَهُ. وَأَمَّا كَوْنُهُ لِلَّهِ خَلْقًا وَمُلْكًا فَغَيْرُ مُرَادٍ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ، فَإِنَّ لَهُ تَعَالَى كُلَّ شَيْءٍ لِأَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي الْخَلْقِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي التَّقَرُّبِ إِلَى غَيْرِهِ تَعَالَى بِمَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ مِنْ دُعَاءٍ وَصَدَقَةٍ وَذَبَائِحِ نُسُكٍ، وَأَنْ يُطَاعَ غَيْرُهُ طَاعَةَ خُضُوعٍ فِي التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ لِذَاتِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ مِنْهُ تَعَالَى وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَهَذَا شِرْكٌ جَلِيٌّ. وَمِنْهُ هَذِهِ الْقِسْمَةُ بَيْنَ اللهِ تَعَالَى وَبَيْنَ مَا أَشْرَكُوا مَعَهُ.
رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ نَصِيبَ اللهِ تَعَالَى لِقِرَى الضِّيفَانِ وَإِكْرَامِ الصِّبْيَانِ


الصفحة التالية
Icon