" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله - تعالى - :﴿ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ ﴾ : مَنْصُوب على الحَالِ وفيها قولان :
أحدهما : أنها حَالٌ مُقَدَّرة ؛ أن النَّخْل والزرع وَقْت خروجهما لا أكْلَ فِيهمَا ؛ حتى يقال فيه : مُتَّفِقٌ أو مُخْتَلِف ؛ فهو كقوله - تبارك وتعالى - :﴿ فادخلوها خَالِدِينَ ﴾ [ الزمر : ٧٣ ]، كقولهم :" مَرَرْت برجُلٍ معه صَقْرٌ صَائِداً به غداً " أي : مُقَدِّراً الاصطِيَاد به.
والثاني : أنها حَالٌ مُقَارِنَة، وذلك على حَذْفِ مُضَافٍ، أي : وثمر النَّخْل وحَبُّ الزَّرع، و" أكُلُه " مَرْفُوعٌ بـ " مُخْتَلِفاً " [ لأنه اسْم فاعل، وشروط الإعْمَال مَوْجُودة، والأكُل : الشَّيْء المَأكُول، وق تقدَّم أنه يُقْرأ بضمّ الكافِ وسُكُونها، ومضى تحقيقُه في البقرة :[ ٢٦٥ ] والضَّمِير في " أكُله " الظاهر أنَّه يَعُودُ على الزَّرْعِ فقط :
إمَّا لأنَّه حذف حالاً من النَّخْلِ ؛ لدلالة هذه عَلَيْه، تقديره : والنَّخْل مُخْتَلِفاً أكُلُه، والزَّرْع مُخْتَلِفاً ] أكله.
وإمَّا لأن الزَّرع هو الظَّاهِر فيه الاخْتِلافُ بالنِّسْبَة إلى المأكُول مِنْه ؛ كالقَمْح والشَّعِير والفول والحِمص والعَدس وغير ذلك.
وقيل : إنها تعود عليهما.
قال الزَّمَخْشَرِيُّ : والضَّمِير للنَّخْل والزَّرع داخل في حُكْمِهِ، لكونه مَعْطُوفاً عليه.
وقال أبو حيًّان : وليس بِجيِّد ؛ لأن العَطْف بالواوِ، ولا يَجُوز إفْرَاد ضَمير المتَعَاطِفين.
وقال الحُوفِيُّ :" والهاءُ في " أكُلُه " عائدة على ذِكْر ما تقدَّم من هذه الاشْيَاء المُنْشَآت " وعلى هذا الذي ذكرَهُ الحوفي : لا تخْتَصُّ الحَالُ بالنخل والزَّرْعِ، بل يكُون لِمَا تقدَّم جَمِيعه.
قال أبو حيَّان :" ولو كَانَ كما زَعَم، لكان التَّرْكيب :" أكُلُهَا " إلا إنْ أُخِذ ذَلِك على حَذْفِ مُضَافِ، أي : ثَمَرَ جَنَّات، وروعي هذا المَحْذُوف فقيل :" أكُلُه " بالإفْرَاد على مُرَعَاته، فيكون ذلِك كَقَوْله :﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ ﴾ [ النور : ٤٠ ] أي : أو كَذَا ظُلُمات، ولذلك أعَادَ الضمير في يَغْشَاهُ عليه ".
قال شهابُ الدِّين : فَيَبْقَى التَّقْدِير : مُخْتَلِفاً أكُل ثمر الجنَّاتِ وما بعدها، [ وهذا ] يلْزَمُ منه إضَافَة الشَّيءِ إلى نَفْسِه ؛ لأن الأكل كما تقدَّم غير مرَّة أنه الثَّمَر المأكُول.


الصفحة التالية
Icon