واقتصر على الأمر بالأكل لأنَّه المقصود من السّياق إبطالاً لتحريم ما حرّموه على أنفسهم، وتمهيداً لقوله :﴿ ولا تتبعوا خطوات الشيطان ﴾ فالأمر بالأكل هنا مستعمل في النَّهي عن ضدّه وهو عدم الأكل من بعضها، أي لا تحرّموا ما أحلّ لكم منها اتّباعاً لتغرير الشّيطان بالسوسوسة لزعماء المشركين الّذين سنّوا لهم تلك السّنن الباطلة، وليس المراد بالأمر الإباحة فقط.
وعدل عن الضّمير بأن يقول : كلوا مِنها : إلى الإتيان بالموصول، ﴿ مما رزقكم الله ﴾ لما في صلة الموصول من الإيماء إلى تضليل الّذين حرّموا على أنفسهم، أو على بعضهم، الأكل من بعضها، فعطّلوا على أنفسهم بعضاً ممّا رزقهم الله.
ومعنى :﴿ ولا تتبعوا خطوات الشيطان ﴾ النّهي عن شؤون الشّرك فإنّ أول خطوات الشّيطان في هذا الغرض هي تسويلهُ لهم تحريم بعض ما رزقهم الله على أنفسهم.
وخطوات الشّيطان تمثيل، وقد تقدّم عند قوله تعالى :﴿ يا أيّها النّاس كلوا ممّا في الأرض حلالاً طيّباً ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان ﴾ في سورة البقرة ( ١٦٨ ).
وجملة : إنه لكم عدوٌ مبين } تعليل للنّهي، وموقع ( إنّ ) فيه يغني عن فاء التّفريع كما تقدّم غير مرّة، وقد تقدّم بيانه في آية البقرة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٧ صـ ﴾