ولما علم أنه لا نظام لهم فعلم أنهم جديرون بالتوبيخ، زاد في توبيخهم فقال :﴿نبئوني﴾ أي أخبروني عما حرم الله من هذا إخباراً جليلاً عظيماً ؛ ولما كان هذا الإخبار الموصوف لا يكون بشيء فيه شك، قال :﴿بعلم﴾ أي أمر معلوم من جهة الله لا مطعن فيه ﴿إن كنتم صادقين﴾ أي إن كان لكم هذا الوصف. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٧٢٩ ـ ٧٣٠﴾

فصل


قال الفخر :
قوله تعالى ﴿ثمانية أزواج﴾
فيه بحثان :
البحث الأول : في انتصاب قوله :﴿ثمانية﴾ وجهان : الأول : قال الفراء : انتصب ثمانية بالبدل من قوله :﴿حَمُولَةً وَفَرْشًا﴾ والثاني : أن يكون التقدير : كلوا مما رزقكم الله ثمانية أزواج.
البحث الثاني : الواحد إذا كان وحده فهو فرد، فإذا كان معه غيره من جنسه سمي زوجاً، وهما زوجان بدليل قوله :﴿خَلَقَ الزوجين الذكر والأنثى﴾ [ النجم : ٤٥ ] وبدليل قوله :﴿ثمانية أزواج﴾ ثم فسرها بقوله :﴿مّنَ الضأن اثنين وَمِنَ المعز اثنين...
وَمِنَ الإبل اثنين وَمِنَ البقر اثنين ﴾
.
ثم قال :﴿وَمِنْ الضأن اثنين﴾ يعني الذكر والأنثى، والضأن ذوات الصوف من الغنم.
قال الزجاج : وهي جمع ضائن وضائنة مثل تاجر وتاجرة ويجمع الضأن أيضاً على الضئين بكسر الضاد وفتحها وقوله :﴿وَمِنَ المعز اثنين﴾ قرىء ﴿وَمِنَ المعز﴾ بفتح العين، والمعز ذوات الشعر من الغنم ويقال للواحد : ماعز وللجمع : معزى.
فمن قرأ ﴿المعز﴾ بفتح العين فهو جمع ماعز، مثل خادم وخدم وطالب وطلب، وحارس وحرس.
ومن قرأ بسكون العين فهو أيضاً جمع ماعز كصاحب وصحب، وتاجر وتجر، وراكب وركب.
وأما انتصاب اثنين فلأن تقدير الآية أنشأ ثمانية أزواج أنشأ من الضأن اثنين ومن المعز اثنين وقوله :﴿قُلْ ءآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنثيين﴾ نصب الذكرين بقوله :﴿حَرَّمَ﴾ والاستفهام يعمل فيه ما بعده ولا يعمل فيه ما قبله.


الصفحة التالية
Icon