واستدل القاضي بالآية على أن الإضلال عن الدين مذموم لا يليق بالله تعالى لأنه سبحانه إذا ذم الإضلال الذي ليس فيه إلا تحريم المباح فالذي هو أعظم منه أولى بالذم، وفيه أنه ليس كل ما كان مذموماً من الخلق كان مذموماً من الخالق.
﴿ إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين ﴾ إلى طريق الحق، وقيل : إلى دار الثواب لاستحقاقهم العقاب واختاره الطبرسي، وإلى نحوه ذهب القاضي بناء على مذهبه وليس بالبعيد على أصولنا أيضاً.
وقيل : إلى ما فيه صلاحهم عاجلاً وآجلاً وهو أتم فائدة وأنسب بحذف المعمول، ونفي الهداية عن الظالم يستدعي نفيها عن الأظلم من باب أولى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
قال الفخر :"أطبق المفسّرون على أنّ تفسير هذه الآية أنّ المشركين كانوا يحرّمون بعض الأنعام فاحتجّ الله على إبطال قولهم بأنْ ذكَرَ الضأن والمعز والإبل والبقر.
وذكر من كلّ واحد من هذه الأربعة زوجين ذكراً وأنثى، ثمّ قال : إن كان حُرّم منها الذّكر وجب أن يكون كلّ ذكورها حراماً، وإن كان حُرم الأنثى وجب أن يكون كلّ إناثها حراماً، وأنَّه إن كان حرّم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين وجب تحريم الأولاد كلّها".
حاصل المعنى نفي أن يكون الله حرّم شيئاً ممّا زعموا تحريمه إياه بطريق السبّر والتّقسيم وهو من طريق الجدل.
قلت : هذا ما عزاه الطّبري إلى قتادة، ومجاهد، والسدّي، وهذا لا يستقيم لأنّ السبر غير تامّ إذ لا ينحصر سبب التّحريم في النّوعيّة بل الأكثر أنّ سببه بعض أوصاف الممنوع وأحواله.