ومن فوائد الخازن فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين ﴾
وهذه أربعة أزواج أخر بقية الثمانية ﴿ قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ﴾ وتفسير هذه الآية نحو ما تقدم وفي هاتين الآيتين تقريع وتوبيخ من الله تعالى لأهل الجاهلية بتحريمهم ما لم يحرمه الله وذلك أنهم كانوا يقولون : هذه أنعام وحرث حجر.
وقالوا : ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وحرموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي وكانوا يحرمون بعضها على الرجال والنساء وبعضها على النساء دون الرجال كما أخبر الله عنهم في كتابه فلما جاء الإسلام وثبتت الأحكام جادلوا النبي ﷺ وكان خطيبهم مالك بن عوف الجشمي فقال : يا محمد بلغنا إنك تحرم أشياء مما كان أباؤنا يفعلونه، فقال له رسول الله ﷺ : قد حرمتم أصنافاً من النعم على غير أصل وإنما خلق الله هذه الأزواج الثمانية للأكل والانتفاع فمن أين جاء هذا التحريم من قبل الذكر أم من قبل الأنثى؟ فسكت مالك بن عوف وتحير ولم يتكلم فقال النبي ﷺ " يا مالك ألا تتكلم " ؟ فقال : بل أنت تتكلم وأسمع منك، قال المفسرون : فلو قال جاء التحريم من قبل الذكر بسبب الذكورة وجب أن يحرم جميع الذكور ولو قال بسبب الأنوثة وجب أن يحرم جميع الإناث وإن كان باشتمال الرحم عليه فينبغي أن يرحم الكل لأن الرحم لا يشتمل إلا على ذكر أو أثنى.
وأما تخصيص التحريم بالولد الخامس أو السابع بالبعض دون البعض فمن أين ذلك التحريم؟ فاحتج الله على بطلان دعواهم بهاتين الآيتين وأعلم نبيه ﷺ أن كل ما قالوه من ذلك وأضافوه إلى الله فهو كذب على الله وأنه لم يحرم شيئاً من ذلك وأنهم اتبعوا في ذلك أهواءهم وخالفوا أمر ربهم.


الصفحة التالية
Icon