ولما كان كأنه قيل : لم حرم عليهم هذه الطيبات؟ قيل :﴿ذلك﴾ أي التحريم العظيم والجزاء الكبير وهو تحريم الطيبات ﴿جزيناهم﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿ببغيهم﴾ أي في أمورهم التي تجاوزوا فيها الحدود، وفي إيلاء هذه الآية - التي فيها ما حرم على اليهود - لما قبلها مع الوفاء بالمقصود من حصر محرمات المطاعم على هذه الأمة وغيرها أمران جليلان : أحدهما بيان اطلاعه ﷺ على تفصيل ما أوحي إلي من تقدمه ولما يشامم أحداً من أتباعهم ولا دارس عالماً ولا درس علماً قط، فلا دليل على صدقه على الله أعظم من ذلك، والثاني تفضيله هذه الأمة بأنه أحل لها الخبائث عند الضرورة رحمة لهم، وأزال عنها في تلك الحالة ضرها ولم يفعل بها كما فعل باليهود في أنه حرم عليهم طائفة من الطيبات ولم يحلها لهم في حال من الأحوال عقوبة لهم، وفي ذلك أتم تحذير لهذه الأمة من أن يبغوا فيعاقبوا كما عوقب من قبلهم على ما نبه عليه في قوله ﴿غير محلي الصيد وأنتم حرم﴾ [ المائدة : ١ ] فبان الصدق وحصحص الحق ولم يبق لمتعنت كلام، فحسن جداً ختم ذلك بقوله ﴿وإنا لصادقون﴾ أي ثابت صدقنا أزلاً وأبداً كما اقتضاه ما لنا من العظمة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٧٣٦ ـ ٧٣٧﴾

فصل


قال الفخر :
ثم بين تعالى أنه حرم على اليهود أشياء أخرى سوى هذه الأربعة، وهي نوعان : الأول : أنه تعالى حرم عليهم كل ذي ظفر.
وفيه مباحث :
البحث الأول : قال الواحدي : في الظفر لغات ظفر بضم الفاء، وهو أعلاها وظفر بسكون الفاء، وظفر بكسر الظاء وسكون الفاء، وهي قراءة الحسن وظفر بكسرهما وهي قراءة أبي السمال.
البحث الثاني : قال الواحدي : اختلفوا في كل ذي ظفر الذي حرمه الله تعالى على اليهود روي عن ابن عباس : أنه الإبل فقط وفي رواية أخرى عن ابن عباس : أنه الإبل والنعامة، وهو قول مجاهد.
وقال عبد الله بن مسلم : إنه كل ذي مخلب من الطير وكل ذي حافر من الدواب.


الصفحة التالية
Icon