وقال السمرقندى :
﴿ وَعَلَى الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا ﴾
يعني : أن هذه الأشياء التي ذكرنا في الآية كانت حراماً في الأصل وقد حرّم الله أشياء كانت حلالاً في الأصل على اليهود بمعصيتهم.
﴿ كُلَّ ذِى ظُفُرٍ ﴾ يعني : الإبل والنعامة والبط والأوز.
وكل شيء له خفّ وقال القتبي :﴿ كُلَّ ذِى ظُفُرٍ ﴾ يعني : كل ذي مخلب من الطيور، وكل ذي حافر من الدواب، وسمي ظفراً على الاستعارة.
وقال الكلبي :﴿ كُلَّ ذِى ظُفُرٍ ﴾ يعني : ليس بمنشق ولا مجتر فهو حرام عليهم ﴿ وَمِنَ البقر والغنم حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا ﴾ يعني : شحوم البطون.
ثم استثنى فقال :﴿ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا ﴾ وقال الضحاك : إلا ما كان على اللحوم من الشحوم.
وقال الكلبي : يعني : ما تعلق بالظهر من الشحم من الكليتين.
ويقال : حرم عليهم الثروب وأحلّ ما سواها.
وواحد الثروب ثرب وهو الشحم الرقيق الذي يكون على الكرش ﴿ أَوِ الحوايا ﴾ وهو المباعر واحدتها حاوية ﴿ أَوْ مَا اختلط بِعَظْمٍ ﴾ مثل الإلية.
وروى جويبر عن الضحاك قال : ما التزق بالعظم.
ويقال : هو المخ ﴿ ذلك جزيناهم بِبَغْيِهِمْ ﴾ يعني : ذلك التحريم عاقبناهم بشركهم وظلمهم ﴿ وِإِنَّا لصادقون ﴾ أن هذه الأشياء كانت حلالاً في الأصل، وحرمناها على اليهود بمعصيتهم، لأن اليهود كانوا يقولون : إن هذه الأشياء كانت حراماً في الأصل. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال الثعلبى :
﴿ وَعَلَى الذين هَادُواْ ﴾ يعني اليهود ﴿ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ﴾، وهو مالم يكن مشقوق الأصابع من البهائم والطير. مثل الإبل والنعّام والأوزة والبط.
قال ابن زيد : هو الإبل فقط. وقال القتيبي : هو كلّ ذي مخلب من الطيور وكل ذي حافر من الدواب، وقد حكاه عن بعض المفسّرين، وقيل : سمّي الحافر ظفراً على الاستعارة وأنشد قول طرفة :

فما رقد الولدان حتّى رأيته على البكر يمريه بساق وحافر
فجعل الحافر موضع القدم.
وقرأ الحسن كل ذي ظفر مكسورة الظاء مسكنة الفاء. وقرأ [ أبو سماك ] ظِفِر بكسر الظاء والفاء وهي لغة.
﴿ وَمِنَ البقر والغنم حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ ﴾ يعني [ الشروب ] وشحم الكليتين ﴿ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا ﴾ أي ما علق بالظهر والجانب إلاّ منْ داخل بطونها ﴿ أَوِ الحوايآ ﴾ يعني الماعز ﴿ أَوْ مَا اختلط بِعَظْمٍ ﴾ مثل لحم الإلية ﴿ ذلك ﴾ التحريم ﴿ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ ﴾ بظلمهم عقوبة لهم بقتلهم الأنبياء وصدهم عن سبيل الله وأخذهم الربا واستحلالهم أموال الناس بالباطل ﴿ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ في أخبارنا عن هؤلاء اليهود وعمّا حرّمنا عليهم من اللحوم والشحوم. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon