قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وعلى هذا تدخل ﴿ الحوايا ﴾ في التحريم، وهذا قول لا يعضده اللفظ ولا المعنى بل يدفعانه، وقوله تعالى :﴿ ذلك جزيناهم ببغيهم ﴾، ﴿ ذلك ﴾ في موضع رفع و﴿ جزيناهم ببغيهم ﴾ يقتضي أن هذا التحريم إنما كان عقوبة لهم على ذنوبهم وبغيهم واستعصائهم على الأنبياء، وقوله ﴿ وإنَّا لصادقون ﴾ إخبار يتضمن التعريض بكذبهم في قولهم ما حرم الله علينا شيئاً وإنما اقتدينا بإسرائيل فيما حرم على نفسه ويتضمن إدحاض قولهم ورده عليهم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وعلى الذين هادوا حرّمنا كل ذي ظفر ﴾
وقرأ الحسن، والأعمش :﴿ ظُفْرٍ ﴾ بسكون الفاء ؛ وهذا التحريم تحريم بلوى وعقوبة
وفي ذي الظفر ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه ما ليس بمنفرج الأصابع، كالإبل، والنعام، والإوَزِّ، والبط، قاله ابن عباس، وابن جبير، ومجاهد، وقتادة، والسدي.
والثاني : الإبل فقط، قاله ابن زيد.
والثالث : كل ذي حافر من الدواب، ومخلب من الطير، قاله ابن قتيبة.
قال : وسمي الحافر ظفراً على الإستعارة ؛ والعرب تجعل الحافر والأظلاف موضع القدم، استعارة ؛ وأنشدوا :
سَأمْنْعُها أوْ سَوْفَ أجْعَلُ أمْرَهَا...
إلى مَلِكٍ أظلافُه لم تُشقَّق
أراد : قدميه، وإنما الأظلاف : للشاء والبقر.
قال ابن الأنباري : الظفر هاهنا، يجري مجرى الظفر للانسان.
وفيه ثلاث لغات.
أعلاهن : ظُفُر ؛ ويقال : ظُفْر، وأُظفور.
وقال الشاعر :
ألم تر أنَّ الموتَ أدْرَك مَنْ مَضَى...
فلم يُبْقِ منه ذا جناح وذا ظُفُر
وقال الآخر :
لقد كنتُ ذا نابٍ وظُفْرٍ على العِدَى...
فأصبحتُ ما يَخْشَوْنَ نابي ولا ظُفْري
وقال الآخر :
ما بين لُقمته الأولى إذا انحَدَرَتْ...
وبين أخرى تليها قِيْدُ أُظْفُور
وفي شحوم البقر والغنم ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه إنما حرّم من ذلك شحوم الثروب خاصة، قاله قتادة.